سیما تیڤی

أوروبــا و الإيــزيــديــة

شفان شيخ علو

من خلال وجودي في أوروبا مع عقود طويلة، ومتابعتي لما يجري فيها، من الناحية السياسية، وتأثيرها في المناطق ذات التور، ومنها العراق، وبصورة خاصة وضع شعبي، أهلي وناس وعقيدتي، الإيزيدية، حيث الأحداث المتسارعة تؤثر في حياتهم مباشرة. والتجارب المرة التي علمتهم تاريخياً، تبقيهم دائماً في حالة شك، مما يسمى من وعود لجعل حياتهم دون جدوى.  وفي الآونة الأخيرة بالذات، حيث مشاهد العنف ازدادت، ونسبة المهاجرين والهاربين خوفاً على حياتهم، من بلادهم في الشرق ” والعالم العربي، بالذات ” في ازدياد، وهذا يزيد في مخاوفهم أكثر، ووراء هذه النسبة المتزايد من الهاربين من بلادهم، وتعرّضهم للمخاطر، زيادة الأوضاع غير المستقرة، وفيها الغلاء وارتفاع الأسعار، والتوترات بين الناس في المجتمع الواحد.

وما يزيد مخاوف الناس، يخص تلك الاجتماعات المستمرة التي تقيمها مؤسسات القارة الأوربية، بشكل مكثف، وموضوع الهجرة من الشرق خاصة، هو الموضوع الأكثر تداولاً، وتلك القرارات التي تصدر عن الجهات العليا في الدولة، بلزوم وضع حد قطعي أو صارم ضدَ هذه الظاهرة، وأكثر من ذلك: محاولة إرجاع من لم يحصلوا على إقامة في أوروبا بوجوب إعادتهم إلى بلدانهم، دون التفكير في قرار كهذا، وما يمكن أن يحصل لهؤلاء على أيدي المسؤولين عن ذلك.

وما سمعته وقرأت عنه هو أن الإيزيدية سيبقون كما هم، ولن يتغير أي قرار يعنيهم، بسبب تلك الأوضاع المرعبة التي عاشوها في بلادهم، وأن أي عنف جسدي أو دموي، قد يحصل في أي وقت. وليس هناك ما يشير في الأفق إلى أن الوضع يسير نحو الاستقرار وزوال التوتر.

ذلك إجراء حسن، ولو أننا كإيزيدية لا نريد أي ضرر يلحق بأي إنسان كان، ونرجو أن يكون هناك من يرأف بحال أولئك الذين توجهوا إلى أوروبا بالتهريب، ولم يتركوا وراءهم أي شيء وذلك لأنهم قدروا أن حياتهم فقدت كل قيمتها، وأن لا أمان متوفر، ليطمئنوا بعضهم البعض بالبقاء طبعاً، وبتالي، تزداد الأوضاع سوء، وبالمقابل، زيادة تلك التي تستنزف المجتمع..

نعم، الإيزيدية لهم وضع خاص، لأنهم عانوا ويعانون حتى الآن من تلك الأوضاع المزرية والبائسة لهم، حيث التعرض للسخرية، والتهميش، عدا عما جعل الأوضاع أكثر تأثيراً.

لكن ، هل ذلك كاف، ليطمئن أهلنا على أن كل شيء نحو الأفضل؟

من يستطيع أن يضمن أن الآتي سوف أحسن من البارحة وقبلها، ومن خلال ذلك يمكن لأهلنا أن يمضوا إلى بيوتهم، ويرتّبوها، ويمارس حياتهم اليومية دون أي خوف أو توتر ؟

تلك هي النقطة الأضعف، تخص الذين يمتلكون وسائل القوة: أوربا وأميركا بالذات، حيث إنهم في الوقت الذين يتحدثون عما هو إنساني، إذا بهم يتجاهلون ما يجري أمام أعينهم، وبلامبالاة .

إن كل ما صدر عن أوروبا وأميركا، يدور في فلك ما هو إنساني، في الحد الأقصى. وهذا الموقف لا يشكل أي وسيلة ضغط التي الدول التي يتواجد فيها أولئك الإرهابيون، خطرهم المميت لم يتوقف، عدا المتواجدين من المعتقلين في معسكرات كبرى تعنيهم طبعاً.

الإيزيدية، الذين عانوا، ولازالوا يعانون كثيراً من هذا الخوف، من عصابات داعش وغيرها، ينتظرون قرارات تكون ملزمة للاتحاد الأوربي ومن معه، وهي قادرة على حسم الموضوع، وإيجاد الطريقة السليمة، يمكن للأمور أن تتغير، ويستطيع أهلنا أن يتفاءلوا ويستعدوا للذهاب إلى قراهم ومدنهم، أو حيثما كانوا ويبنوها أو يرمموها لتكون قابلة للسكن.

لكن، للأسف، لم يصدر قرار حاسم من هذا النوع، وكأن الذين يخططون لكل ذلك ، لا شأن لهم بكل العنف الذي يمثلونه، فتكون النتيجة سلبية أكثر فأكثر.

يا ترى ، متى تستطيع القوى الكبرى قادرة أن تضع حداً لهذا السلوك العدواني، بحق، وتكون مخلصة لكل ما هو إنساني، وبالطريقة هذه، سيلتفت أبناء قرننا هذا إلى  أنفسهم وبعضهم البعض، على أن الحياة تستحق أن نعيشها، وبتلك القيم الأخلاقية المشتركة، إلى تبهج الجميع بالآتي !

><