سیما تیڤی

مصير الولايات المتحدة الامريكية في رؤيا جورج واشنطن

قاسم ميرزا الجندي

قال واشنطن: في احد أيام الشتاء القارصة من عام 1777في يوم سماؤه بلا غيوم وشمسه ساطعة, مكث الجنرال واشنطن في مقره لوحده، وبينما كنت جالسا إلى الطاولة مشغولا في تهيئة رسالة بدأ شيء ما يقلقني، رفعت رأسي, فأبصرتُ أمامي فتاة واقفة فريدة في الجمال.
لقد دهشت جداً وإلى حد كبير, لأني كنت قد أصدرت أوامر مشددٌة بعدم إقلاقي, فقد أخذ ذلك مني بضع لحظات قبل أن أجد الكلمات لكي استفسر عن سبب وجودها، لقد كررت سؤالي للمرة الثانية والثالثة بل الرابعة, ولم أتسلم جواباٌ من زائرتي الغامضة سوى إنها رفعت عينيها قليلا، شعرت خلال هذه الفترة شعوراٌ غريبا انتشر خلال جسمي كان باستطاعتي أن انتصب واقفاٌ.
لكن النظرة الآسرة للمخلوق الماثل أمامي جعلت الإرادة مستحيلة، حاولت أن أخاطبها لكن لساني أصبح عديم الفائدة حتى التفكير نفسه أصبح مشلولا ٌ، ولقد تملكني شعور غريب وغامض قوي لا يقاوم ورويدا رويدا بدا الجو المحيط وكأنه أصبح مليئا بأحاسيس أشد وضوحا، وبدأ كل ما يحيطني أكثر روحانية, والزائرة الغامضة نفسها أصبحت اشد خفة ومع ذلك اشد وضوحا لبصري من ذي قبل، وبدأت آلان اشعر كانسان يحتضر.
لم استطع التفكير ولا التفسير ولا التحرك كل شيء كان مستحيلا كنت واعيا فقط للتحديق بثبات خال من التعبير نحو زائرتي، وعلى التو سمعت صوتا يقول (يا ابن الجمهورية انظر وتعلم) وبنفس الوقت مددت زائرتي ذراعها نحو الشرق، وأبصرت آلان بخارا ابيض ثقيلا عن بعد يرتفع طيه بعد طيه، لكن هذا تلاشى تدريجيا .
فنظرت إلى منظر غريب ظهرت أمامي متفتحة كافة أقطار العالم كأرض منبسطة واسعة أوربا, أسيا ,أفريقيا , وأمريكا… رأيت الموجات العظيمة للأطلسي تتموج وتتقاذف بين أوربا وأمريكا, وبين أسيا وأمريكا يمتد المحيط الهادي، وقال نفس الصوت الغامض كما فعل في السابق
يا ابن الجمهورية انظر وتعلم، وفي تلك اللحظة نظرت إلى مخلوق ظليل معتم يشبه ملاكا واقفا أو بالأحرى عائم في وسط الهواء, بين أوربا وأمريكا كان يغترف الماء من المحيط براحة كل يد ويرش بعضه فوق أمريكا بيده اليمنى, بينما يرمي الماء بيده اليسرى على أوربا، وعلى الفور ارتفعت غيمة من هذه الأقطار وتجمعت في وسط المحيط، وبقيت واقفة لفترة قصيرة, ثم تحركت ببطء ناحية الغرب إلى أن غطت أمريكا بطياتها المضببة، وومضت وهجات شديدة من البرق على فترات من خلالها, وسمعت الأناة المختنقة وصياح الشعب الأمريكي.
واغترف الملاك الماء من المحيط للمرة الثانية ورشه كالسابق، رجعت الغيمة الداكنة إلى المحيط, وفي تلاطمها الشديد غابت عن الأنظار، وللمرة الثالثة سمعت الصوت الغامض يقول: يا ابن الجمهورية انظر وتعلم، ألقيت نظري على أمريكا فرأيت القرى والمدن والبلدان تبرز الواحدة بعد الاخرى حتى انتشرت في كافة الأراضي من الأطلسي إلى الهادئ وتارة أخرى سمعت الصوت الغامض يقول: يا ابن الجمهورية ستأتي نهاية القرن, انظر وتعلم .
أدار الملاك الظليل المعتم وجهه إلى الجهة الجنوبية، ومن أفريقيا رأيت شبحا سيء الفال يقترب من أرضنا، كان يطير بطيئا فوق كل مدينة وبلدة في أرضنا، وعلى التو نظم المواطنون أنفسهم لمعركة, بعظهم ضد البعض الأخر، وبينما أنا مستمر في النظر رأيت ملاكا ساطعا يستقر على جبينه تاج من ضياء, مكتوب عليه كلمة (الاتحاد) وحاملا العلم الأمريكي الذي وضعه بين الأمة المنقسمة على نفسها وقال : تذكروا أننا أخوان، وفجأة رمى المواطنون أسلحتهم وأصبحوا أصدقاء .
سمعت الصوت الغامض مرة أخرى يقول : يا ابن الجمهورية انظر وتعلم، وفي هذه اللحظة وضع الملاك الظليل الداكن بوقا في فمه, ونفخ ثلاث نفخات متميزات, وأخذ ماء من المحيط ورشه فوق أوربا وأسيا وأفريقيا، ثم رأت عيناي منظرا مخيفا : فمن كل واحدة من هذه الأقطار ارتفعت غيوم كثيفة سوداء اتحدت فيما بينها وأصبحت غيمة واحدة.
وفي كل مكان من هذه الكتلة ومض ضياء أحمر غامق ومن خلاله رأيت حشدا من الرجال المسلحين يتحركون مع الغيوم ويجوبون ألأرض ويجرون إلى أمريكا المغطاة بكتلة الغيوم و أبصرت بغير جلاء الجيوش الكبيرة تدمر القطر كله وتحرق القرى والمدن و البلدان التي رأيتها من قبل تبرز للعيان وبينما كنت أنصت بأذني إلى دوي المدافع وصليل السيوف وصيحات وصرخات الملايين في المعركة الطاحنة, سمعت مرة أخرى الصوت الغامض يقول:
يا ابن الجمهورية انظر وتعلم، وبعدها وضع الملاك الظليل الذي أره قي الظلام مرة أخرى البوق في فمه ونفخ نفخة طويلة … واستمر واشنطن يقول : وفي الحال تـألق ضوء باهر كضوء ألف شمس من فوقي.
نفذ وبدد قطع الغيوم الداكنة التي تغطي أمريكا، وفي نفس اللحظة ظهر الملاك الذي مازالت كلمة الاتحاد مكتوبة على جبينه والذي يحمل العلم الأمريكي في أحدى يديه وسيفا في اليد الاخرى وهبط من السماء تصاحبه فرق من الارواح اتحد هؤلاء على الفور مع سكان أمريكا الذين ظننتهم مهزومين, لكنهم استعادوا في الحال شجاعتهم ورصوا صفوفهم المنكسرة وجددوا المعركة، ووسط الجلبة المخيفة من الصراع سمعت الصوت الغامض مرة أخرى يقول :
يا ابن الجمهورية انظر وتعلم، وبينما سكت الصوت, اغترف الملاك الموجود في الظلام ماء من المحيط ورشه فوق أمريكا وفي الحال انسحبت الغيمة… وكذلك الجيوش التي جلبتهم وبقى سكان الأرض منتصرين، ومرة أخرى رأيت القرى والمدن والبلدان تبرز كما رأيتها من قبل, وإذ يركز الملاك الساطع الراية الزرقاء التي احظرها في وسطهم
صاح بصوت عال  مادامت النجوم باقية والسماء تبعث بالظل إلى الأرض سيبقى ويخلد الاتحاد) وتناول من جبينه التاج المنقوش عليه كلمة (الاتحاد) ووضعه على الراية بينما كان الناس يركعون قائلين آمين.
وفي الحال بدأ المنظر يبهت ويتلاشى … وجدت نفسي تارة أخرى محدقا في هذا الزائر الغامض وبنفس الصوت الذي سمعته من قبل قال : يا ابن الجمهورية أن ما رأيته قد فسر .
ستأتي على الجمهورية وهي الولايات المتحدة الامريكية ثلاث مخاطر عظيمة … الثالثة أشدها خطراً، فأن تجاوزتها فلن ينتصر عليها العالم كله متحدا، دع كل طفل في الجمهورية يتعلم العيش لربه وأرضه واتحاده … وبهذه الكلمات توارت الرؤيا, فقفزت من الكرسي.
المصدر
سلسلة كتاب الباراسايكولوجي تأليف :
خوارق الابداع / شفيقة قرة كلة / ترجمة ــ سلمان يعقوب العبيدي

><