زيدو باعدري
في هذه السطور اريد أن اشير إلى جولة للقائد الكوردي التاريخي ملا مصطفى بارزاني الخالد إلى بهدينان مع أكثر من خمسمائة من رجاله الشجعان.. كانت قرية مغارة المهجورة القريبة جدا من لالش مقرا له ، وبالرغم من سماعي لأكثر من شخص بشهادة زيارة البارزاني الخالد إلى لالش..منهم: المرحوم عمي شيخ شمو حيث كان دائم القول: رأيت شخص البارزاني على سفح جبل زهيرة كان قادما من لالش.
وفي أحد مجالس العزاء في مدينة بليفیلت الألمانية كان يردد القول بكل ثقة الشيخ أوصمان إبراهيم وهو من كورد إيزيديي تركيا قائلا: كنت أبحث عن الأقوال والأبيات الدينية الإيزيدية في لالش وقد مكثت هناك لأكثر من ثلاث سنوات في ذلك الوقت رأيت البارزاني الخالد وتحدثت معه، واستطرد قائلا: البارزاني كان يقول: قدسية لالش مفخرة للكورد جميعا..
أما المرحوم فقير حجي شمو سادن لالش أكد لي ذلك أكثر من مرّة..بأن البارزاني الخالد زار لالش آتيا من قرية مغارة، والتقى بالمرحوم والده فقير شمو..
أما البيشمركة المرحوم صالح نرمو ( آمر بتاليون ) أكد هذا أكثر من مرة بحضور أبنه اوصمان والبيشمركة ميرزا بوزاني، والكاتب الشهيد أديب جلكي، وكاتب هذه السطور..
وأثناء زيارتي برفقة المناضل عبدالرحمن آپو إلى أحد البيشمركة القدامى الخال حسو محمود بابكر شيرواني ( حسو كاليالنجي ) وبحضور ابن أخته يوسف في داره في بلدة “ديانا” كشاهد عيان حي والذي أكد انه كان ضمن أفراد القوة الكبيرة الضاربة برفقة البارزاني الخالد في قرية مغارة..
وأكد حينئذ ان الأرزاق والطعام في لالش وفيرة جدا..وكانوا يطعمون الجميع بما فيهم قوات البيشمرگة، وحسب توجيهات البارزاني الخالد كنا نجلب الأرزاق سرا ، لكي لا نصبح هدفا لقصف الطائرات والمدافع..
الجدير بالذكر أن قوات البيشمركة انقسمت إلى قسمين..قسم اتجه إلى مريبا بقيادة محمد أمين ميرخان ميرگەسوري، والقسم الآخر نحو دهوك عبر بريفكا 7/03/1962 ..
والغرض من كل هذا هو أن نثبت ونبين مدى حرص قادة مدرسة بارزان على التعايش ومبدأ قبول الآخر وحماية المكونات الصغيرة، وتبع ذلك زيارات أخرى للمرحوم إدريس بارزاني والرئيس مسعود بارزاني سوية إلى كل من شيخان ( عين سفني ) بيت المرحوم بابا شيخ، وقصر الإمارة، وكذلك إلى ناحية بعشيقة وبهذان ، ثم إلى مزار شرف الدين في جبل شنگال الشامخ..وقد تم استقبالهما بحشود جماهيرية غفيرة خلالها تم رفع سيارتهما على الأكتاف..
حقا يمكن وصف هذه الزيارة بالتاريخية، وتأكيدهم على الأصل والتاريخ المشترك..
أما في 27/09/1991 عند عودة الرئيس مسعود بارزاني من وفد المفاوضات قام برفقة الأمير المرحوم خيري بك بزيارة معبد لالش، جرى لشخصه الكريم مراسيم دينية وتلاوة أقوال وتواشيح دينية من قبل المرحوم فقير حجي والمرحوم بابا جاويش، وهناك شهود كثيرة وأفلام فيديو تؤكد ذلك..وكان كاتب هذه السطور ضمن لجنة الإعلام في الفرع الأول للحزب الديمقراطي الكوردستاني.
بما أن الإلتزام والأخلاق العالي نابع من نهج البارزاني الخالد لذا سلك السيد نيجرفان بارزاني نفس النهج، ومن بعده السيد مسرور بارزاني سلك الطريق نفسه، ولي كل الفخر كنت محظوظا في رفقة سيادته..
وهذا يدل على أبعاد أخرى مباشرة وغير مباشرة..إنها رسالة لأعداء كوردستان ؛ قد نختلف في الدين لكن توحدنا الأرض والدم والعرق واللغة والمصير..وهذه رسالة لجميع أبناء الشعب الكوردستاني بأنه لا فرق بين الجامع والكنيسة والمعبد الإيزيدي..
هنا نجد تواضع العظماء من آل بارزان وحرصهم الأكيد على حمایة المكونات الصغيرة..
وهذا يؤدي إلى طمأنة الأقليات بأن يعيشوا بسلام وأمان، وليس كما فعله صدام المقبور بتسجيل الإيزيديين والمسيحيين والشبك والتركمان والكاكائيين كعرب وسادة..وخير وثيقة تعداد السكان 1977 و1987 و 1997..وإلى آخر يوم سقوط الصنم كان التعريب والترحيل القسري والتبعيث ساريا على قدم وساق..
ومن هنا نخاطب شعبنا الكوردستاني شتان مابين الأمرين..
وعندما يكون الحديث عن الكوردايتي لا بدّ أن نذكر هنا وبإجلال شيوخ بارزان الاجلاء والقوانين والمبادىء الانسانية التي رسخوها وهي سارية إلى الآن ومفخرة لجميع الكوردستانیين ، منها ضمان حقوق اليتامى، وحقوق المرأة ورفض زواجها القسري، ورفض زواج المبادلة ، ومنع صيد الحيوانات في موسم التكاثر، ومنع قطع الأشجار ، ورفض الإقطاعية الزراعية ، والدفاع المستمر عن التعايش السلمي بين الأديان.. ونحن لسنا بصدد تفاصيل ذلك الان لكن يجب أن نشير الى ان أن طلاب هذه المدرسة باتوا اليوم قادة نموذجيين في حركة تحرر كوردستان.
وإذا كان شيوخ منطقة بارزان قد رسخوا هذه المبادئ الإنسانية السامية مجتمعيا، فقد نجح الخالد مصطفى البارزاني بمزج هذه المباديء مع الفعل الثوري ونشرها لتكون منهجا تسير عليه ثورة التحرر الكوردية ، وتصبح فيما بعد ثقافة لاجيال كاملة في كوردستان بمختلف قومياتها واديانها.