سیما تیڤی

كلمة عن مهرجان أحمد خاني الثاني

شفان شيخ علو
تابعتُ عبر وسائل الإعلام في إقليم الكوردستاني الحبيب، تغطية لمهرجان أحمد خاني الثاني ( 15-7 تموز 2024 )، وتحت عنوان معبّر: مجتمع ثقافي من أجل مستقبل أفضل .
ككوردي، قبل كل شيء، قدَّرت مثل هذا النشاط بكل فعالياته، بعروضه الثقافية، وفي مثل هذا الوقت، حيث إقليمنا الكوردي يواجه تحديات كثيرة. ورغم ذلك فإنه على أعلى مستوى سياسي وحزبي، لا يدخر جهداً في الاهتمام بالشأن الثقافي، وهذا إن دل على شيء، فإنما على الوعي القومي الكوردستاني، وتعبيراً عن الإيمان الصادق بأن الكلمة حين تقال في وقتها ومكانها، لا تقل تأثيراً عن أي عمل سياسي وعسكري، في تمتين الجبهة القومية، والدفاع عن أمن الكورد.
علينا أن نحسبها في التكاليف. لا بد أنها كثيرة، وإدارة المهرجان بدورها لا بد أنها خططت كثيراً، لمثل هذا المهرجان القومي والذي يظهر أنه سيصبح تقليداً، ما أجمله من تقليد ثقافي كوردي وقومي طبعاً، ولا بد أن كل الذين تعاملوا مع مناسبة قومية كهذه، كانوا على مستوى المسؤولية، و ينطلقون من تلك القدرات والتأكيد على أنهم يعرفون ما يقومون به.
وفي مثال أحمد خاني، تكون الطموحات أكثر، والأماني أكثر، والإرادة السياسية  والحزبية أقوى حتماً، لأن رمزاً كبيراً في الشعر الكوردي الأصيل، وفي الأثر العظيم الذي تركه، أي ملحمة ” مم وزين ” لا بد أنه يحتاج إلى كفاءات مناسبة لاسمه ووزنه الشعري وقامته الكوردية الشامخة .
نعم، أحمد خاني ” 1651-1707 م ” شاعر كوردي مشهور ليس على مستوى كوردستان، وإنما في العالم كذلك، وملحمته ” مم وزين ” هي التي تشهد على هذه العبقرية في الإبداع .
في ” مم وزين ” نجح شاعرنا الخالد في أن يعبّر عن هم كل كوردي، وعن أمله، ما يجب أن يعرَف به الكورد كشعب، ليستطيعوا بناء دولتهم، وتحقيق حلمهم القومي الكوردي المشروع.
لا أظن أن هناك كوردياً لا يعرف من هو أحمد خاني، لأن الذي سطره شعراً باسم شعب كامل، عبَّر عن هذه الحقيقة الكبرى، حقيقة أن الكورد شعب واحد، وعليه أن يبقى شعباً واحداً، ولأن أعداء الكورد يحاولون دائماً منع تحقيق وحدته، لأنهم يعرفون إلى أي درجة ستكون وحدتهم قوية، وهذه القوة لن تكون لمصلحتهم، ومن خلال جغرافيتهم وبموقعها الاستراتيجي .
أحمد خاني لم يكن إنساناً عادياً، وما نقرأ له وعنه، هو الذي يقول ذلك. فقد غادرنا منذ أكثر من ثلاثمائة عام، ورغم ذلك، حين نقبل على قراءة ما كتبه شعراً عن هموم الكورد وآمالهم وواقعهم، وكيف يمكنهم الانتصار على ضعفهم و تجزئتهم، نشعر بأنه كان يعاني هذه الهموم ومشاكلها.
يعلّمنا هذا الشاعر الكوردي الكبير، كيف نبقى أوفياء للحقيقة، أننا شعب، ولنا تاريخ، وجغرافية، و قدرات وثروات، وعلينا أن ننظم قوانا، ونجعل هذه الثروات لنا، لنكون مثل أي شعب في العالم، تكون لنا حدود سياسية، ونمثل أنفسنا في المحافل الدولية، ولنا علمنا أيضاً .
وأحمد خاني في شعرنا يوجهنا إلى طريق الصواب، طريق الحق، حقنا في تقرير مصيرنا، وإلى أن الذي يؤمن بقضيته، ويخلص لها، لا بد أن ينتصر. وكأنه يعيش معنا الآن، كأنه لم يمت، وحيث أنني كلما قرأت له تلك الأبيات التي تدعو الكورد إلى أن يتجاوزا شقاقهم وخلافاتهم، نتذكر واقعنا، وتعاملنا مع بعضنا البعض، والمؤلم أن أعداءنا في الوقت الذي يشددون على بقائنا مجزئين وضعفاء، ويفسدون فيما بيننا، يتعلمون من تجزئتنا وتفرقنا، فيصبحون أقوى وأقوى.
وأحمد  خاني يمنحنا الأمل، الأمل في أننا إذا فكرنا حقيقة بقوانا وهي مبعثرة، نستطيع التوحد، وفي الثقافة يكون الدواء الناجع، وبناء المجتمع السليم، مجتمع الكورد وقد توحدهم وأصبح لهم اعتبار، ومكانة، وصوت مسموع في العالم جميعاً. هل هناك ما هو أروع من مطلب كهذا؟

><