سما ، صباح سمير
في قلب الظلام الدامس الذي خيم على شنكال في الثالث من آب/أغسطس 2014، تبرز قصة خلف مطو كشعاع أمل وشهادة حية على المأساة والبطولة التي عاشها الإيزيديون.
خلف، ابن التاسعة والعشرين آنذاك، يروي لنا قصة لم تُحكَ من قبل. في بساتين مجمع الصمود قرب زمار، كانت 24 عائلة إيزيدية تعمل بجد، غير مدركة أن حياتهم ستنقلب رأساً على عقب في غضون ساعات.
“كنا نعيش حياتنا العادية،” يقول خلف بصوت يختلج بالذكريات. “ثم جاء التحذير “.
صورة خلف بعد (10) سنوات من نجاته من موت
في مشهد يشبه الأفلام، يصف خلف كيف تحول جار عربي من مُطمئن إلى ناقل لخبر الخطر المحدق. وفجأة، ظهرت سيارات تحمل الرايات السوداء، معلنة وصول داعش.
“علمنا أن مصيرنا في خطر كبير،” يتابع خلف. “خططنا للهروب، لكن الأمر كان أشبه بالانتحار”.
في لحظة حاسمة، جاء الأمل على شكل ثلاثة قوارب من خانك. وهنا تتحول القصة إلى مشهد أكشن حقيقي.
“ركبنا القوارب وسط إطلاق النار. كان المشهد فوضوياً،” يصف خلف. “لكن ما لن أنساه أبداً هو سارة محمود، تلك الفتاة الشجاعة التي أمسكت بالرشاش وردت النيران على الدواعش”.
بعد نجاة أشبه بالمعجزة، وجدت العائلات ملاذاً في خانك، حيث فتح الأهالي قلوبهم وبيوتهم لهم.
صورة لمتطوعين من الشباب الايزيدية من خانك اثناء تحرير عوائل شنكالية في خانك
اليوم، بعد عقد من الزمن، يقف خلف شامخاً، يستعد للعودة إلى شنكال. “مرت علينا 10 سنوات صعبة،” يقول بعينين تلمعان بالإصرار. “لكننا صمدنا ، تعلمنا وسنعود أقوى”.
قصة خلف ليست مجرد سرد لأحداث. إنها ملحمة إنسانية تروي صمود شعب بأكمله. في كل كلمة يقولها، نسمع صدى آلاف الأصوات الإيزيدية التي رفضت الاستسلام.
في الذكرى العاشرة للإبادة، تقف قصة خلف شاهدة على فظاعة ما حدث، وعلى قوة الروح الإنسانية في مواجهة الظلم. إنها تذكرنا بأن وراء كل رقم وإحصائية، هناك قصة إنسان، وحلم، وأمل لا يموت.
هذه القصة ليست نهاية، بل بداية. بداية لفصل جديد يكتبه الإيزيديون بأيديهم، فصل من العودة والبناء والأمل. وفي قلب هذا الفصل، سيظل صوت خلف وآلاف غيره يردد: “صمدنا، وسنعود أقوى”.