دبي–بلومبرغ
البحث شمل 500 مليون تعليق وخلص إلى أن خشونة التفاعل عبر الإنترنت لم ترتفع كثيراً على مدى أكثر من ثلاثة عقود ثمّة قناعة سائدة بأن عالم الإنترنت أصبح وسطاً مشحوناً بقدر يفوق ما كان عليه الحال من قبل، ويذكر من عايشوا العقد الثاني من هذا القرن كيف كان “تويتر” (إكس حالياً)، مساحة لإقامة صداقات، وكانت “إنستجرام” منصة لتبادل صور أطباق الفطور.
أمّا اليوم، فنبدو جميعاً عالقين وسط لهيب تؤججه خوارزميات خبيثة وعملاء أجانب وروبوتات دردشة شنيعة، ولاختبار هذه النظرية، جمع فريق من الباحثين 500 مليون تعليق على مدى 34 سنة مضت عبر 8 منصات إلكترونية ذات شعبية، مثل “يوسنيت” (Usenet) و”فيسبوك”.
حلّل الفريق البيانات بواسطة أداة تعلّم الآلة التي طورتها “جوجل” من أجل مساعدة مشرفي المواقع على تحديد المحتوى السام الذي عرّفته على أنه “أي تعليق سفيه، أو يقلل من الاحترام، أو غير مقبول يُرجح أن يدفع الناس لترك نقاش”.
نشرت المجموعة بحثها في دورية (Nature) العلمية هذا العام، وخلصت إلى أن خشونة التفاعل عبر الإنترنت لم تتغير إلى حدّ ما على مرّ الزمن، بغض النظر عن التطبيقات المستخدمة، وغالباً ما ينحرف مجرى النقاش إلى الحدة إن كانت آراء المتحاورين شديدة التباين، أو إن طال أمد النقاش.، لكن اللافت كان أن الناس لا ينسحبون بالضرورة من النقاش إن أصبح مسموماً.
سلوك بشري متأصل
خلصت الدراسة إلى أن فكرة أن الإنترنت أصبحت أسوأ مما كانت عليه هي من نسج خيالنا، ورفعت اللوم عن منصات التواصل الاجتماعي، وعلقته على مستخدميها.
قال والتر كاتروشيوتشي، مدير مركز علم البيانات وتعقيداته المجتمعية في جامعة سابينزا في روما، وهو أحد معدّي الدراسة: “في ما يخصّ السلوكيات السامة، الميول البشرية أقوى من تصميم المنصات الإلكترونية… التصرف بفظاظة على الإنترنت متأصل في سلوكنا”.
مع ذلك، يقرّ كاتروشيوتشي بوجود عدّة أسباب تعطي انطباعاً سيئاً عن الإنترنت اليوم، فقد أظهرت بحوث أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تسبب انقساماً سياسياً، وتدفع ببعض الناس نحو الاستخدام القهري.
وقد تراجع التفاعل حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ بات المستخدمون يتصفحون المحتوى دون أن ينشروا شيئاً، في تحوّل يعزى بجزء منه إلى المخاوف من تبعات التعبير عن الرأي، فيما لاحظ فريق كاتروشيوتشي أن المستخدمين يستمرون في النقاش في كثير من الأحيان حتى حين يصبح ساماً، وقال إنه لا توجد أي طريقة لقياس مدى تأثير السلوكيات السامة على الإنترنت في تنفير المستخدمين من التفاعل.
في الخلاصة، هناك ما يبرر الشعور بأن الحياة على الإنترنت لم تعد كسابق عهدها.. ولكن من يتحمل المسؤولية؟ هل هي الشركات التي صمّمت الإنترنت المعاصر أم من يستخدمونها؟ يبدو أن جواب ذلك هو كلا الطرفين.