ترجمة / حامد أحمد
ذكرت المنظمة الدولية في تقريرها انه خلال الهجوم العنيف الذي شنه تنظيم داعش على العراق في عام 2014 فانه استهدف أقليات دينية، بضمنهم ايزيديون، عانوا من هجمات وحشية نجم عنها مقتل آلاف من الرجال والنساء والأطفال مع تهجير الآلاف منهم او تعرضهم للاختطاف او الاغتصاب والاستعباد الجنسي، واليوم وبعد عشر سنوات على تلك الجرائم فإن أغلب الناجين ما يزالون ينتظرون تحقيق العدالة لهم.
وأشار التقرير الى ان شراكة جمعت بين المنظمة الطبية الدولية لحقوق الانسان مع قطاع الطب الجنائي العدلي العراقي جلبت خبرة وتدريب لأطباء وكوادر الطب العدلي العراقي لمساعدتهم في تحقيق أداء أفضل عبر التحقيقات الجنائية، واثمرت الشراكة عن ادخال نظام طبي عدلي جديد معزز بأدوات فعالة تساعد في توثيق الأدلة الجنائية الخاصة بالناجين وفقا لأحدث المعايير من اجل تحقيق العدالة للناجيات اللائي تعرضن لعنف جنسي وتعذيب اثناء المعارك وفي ظروف أخرى.
و صرح منظمة أطباء من اجل حقوق الانسان، ان عملها في التحقيق الجنائي قد بدأ في العراق منذ العالم 2017 استجابة لمطالب رفعها شركاء محليون الى حاجتهم لتوسيع قدرات وامكانيات قطاع الطب الجنائي والعدلي في البلد. وابرمت المنظمة في حينها شراكة مع مديرية الطب العدلي في بغداد، أحد تشكيلات وزارة الصحة، التي تشرف على مؤسسات الطب العدلي في 14 محافظة عبر البلاد مع المؤسسات المعنية بإجراء الفحوصات الجنائية والعدلية للناجين من العنف الجنسي والتعذيب، والتي تعد تقارير فحص جنائي دورية تستخدم كأدلة في المحاكم.
بحلول عام 2021 أقرت المنظمة الطبية الدولية وكذلك مديرية الطب العدلي بان الافتقار الى أدوات وإجراءات معيارية في توثيق التحقيقات الجنائية عبر البلاد كان سببا في نتائج غير مرضية وغير منصفة بالنسبة للناجين. في حينها تباينت الأساليب والإجراءات المستخدمة من قبل أطباء الطب العدلي في العراق على نحو واسع استنادا الى المؤهلات والخبرة والمواقف تجاه الناجين أصحاب القضية. نفس الشيء ينطبق على مدى تكامل وصحة الأدلة الموثقة اعتمادا على الموقع.
و أضافة المنظمة انه بعد اجراء استشارات مكثفة مع اطباء عدليين وجنائيين وخبراء في القضاء وكذلك خبراء دوليين، فقد تم الاتفاق بأن النقطة الأساسية والرئيسية ستكون في إمكانية الناجين من الحصول على اجراء منصف في توثيق الأدلة الجنائية عبر صيغة فحص طبي جنائي ضمن استمارة وفق المعايير الدولية.
ولأجل تنفيذ هذه الصيغة الجديدة فقد أدخلت المنظمة الدولية بالاشتراك مع مديرية الطب العدلي العراقية عدة مسودات وأجرت عدة جلسات مصادقة مع أطباء عراقيين وكذلك خبراء دوليين وكذلك سلسلة من ورش عمل مع خبراء طب عدلي وجنائي عراقيين لضمان ان تعكس هذه الصيغة والاستمارة المضمون الاجتماعي والثقافي العراقي وإطار العمل القانوني.
طبيب تحقيق جنائي من الموصل، الذي كان من بين المشاركين في الدورة التدريبية الاستشارية، قال “كانت لدي شكوك عندما بدأت التدريب مع منظمة أطباء من اجل حقوق الانسان PHR. لم أكن أتوقع امكانية تحقيق فقرات هذه الاستمارة كوننا نتلقى قضايا عديدة يوميا، وان الصيغة الجديدة تتضمن إجراءات طويلة وتستغرق وقت لإتمامها. ولكن بعد التدريب أدركت مدى السهولة في المضي بها. حالما يعتاد الأطباء على مختلف البنود والأقسام فان الصيغة الجديدة تنظم الطريق الذي يتم بموجبه جمع المعلومات والأدلة وتسمح لنا القيام بذلك بشكل نظامي، كل ما نحتاجه هو الاستمرار بممارسة هذه الصيغة على نحو اكثر”.
طبيب آخر من مديرية الطب العدلي قال “بعد اخذ الموافقة والمضي قدما بإجراءات الكشف والفحص وفق الصيغة الجديدة، فان الناجي يصبح مقتنعا أكثر مع العملية. وانهم يتعاونون في مشاركتهم مزيدا من التفاصيل مع الطبيب بخصوص ما حصل لهم”.
ويشير التقرير الى انه لحد هذا الوقت انتهت منظمة PHR من تدريب 85% من مجموع كوادر أطباء الطب العدلي الجنائي في العراق بالإضافة الى إقليم كردستان، ومع بداية عام 2024 بدأت مديرية الطب العدلي في بغداد الشروع رسميا في تطبيق الصيغة الجديدة من التحقيق الجنائي، ولضمان حسن أداء وتنفيذ الإجراءات تقوم المنظمة الدولية بالاشتراك مع مديرية الطب العدلي بعملية تقييم مشتركة لمراقبة شروط الرعاية المركزية للناجي وتنفيذ بنود الاستمارة المتبعة في العيادات والمستشفيات مع تقييم مستمر لها.
ويخلص التقرير الى ان تنفيذا شاملا ومركزيا لصيغة إجراءات التحقيق الطبي الجنائي للناجين سيدعم جانب تحقيق العدالة والإنصاف لهم رغم ان هناك حاجة للتعاون من كافة القطاعات لجمع وتحليل وتوثيق وحفظ الأدلة الجنائية ضمن أفضل المعايير لسلطات التحقيق العدلي، وتنفيذ سلسلة ورش عمل من كافة القطاعات للتقدم في إجراء التنسيقات فيما بينها بخصوص التحقيقات الطبية العدلية والجنائية وتحديد الأدوار والمسؤوليات ضمن أفضل خدمة للمتضررين من الناجين من عنف الاعتداءات الجنسية.
وتشير المنظمة الدولية في تقريرها الى ان العراق سيستغرق وقتا لضمان شمول جميع الناجين من العنف والتعذيب الجنسي بالدعم الطبي العدلي والجنائي الذي يستحقونه والاقتصاص من المتورطين بجرائم الحرب هذه واحالتهم للقضاء.
المصدر: عن منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان