خيري بوزاني
في مشهد سياسي عراقي متجدد ومليء بالتحديات، استقبلت الحكومة العراقية وأحزاب الإطار التنسيقي الرئيس مسعود بارزاني استقبالًا استثنائيًا، مما يشير إلى تحول ملحوظ في العلاقات بين أربيل وبغداد بعد سنوات من القطيعة. جاءت هذه الزيارة في ظل توترات حادة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية حول قضايا حساسة مثل الرواتب، قانون النفط والغاز، واستئناف تصدير نفط الإقليم، فضلاً عن قضايا كركوك وسنجار والمناطق المتنازع عليها.
كانت زيارة الرئيس بارزاني إلى بغداد محاطة بترقب واهتمام كبيرين من قبل الطبقة السياسية الحاكمة، إذ اعتُبرت زيارته مؤشراً على حدوث تغيير مهم في العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية. هذه الزيارة لا تأتي في فراغ، بل تتوج سلسلة من النقاشات الفنية والقانونية حول الملفات الحساسة بين الطرفين، وتهدف إلى تحويل التفاهمات الجزئية التي تم التوصل إليها في الفترة الأخيرة إلى تسوية شاملة.
بارزاني، بشخصيته الكاريزمية والوطنية، أضفى مشروعية كبيرة على هذه التسوية، مما عزز من مصداقيتها وأعطاها ثقلاً سياسياً أكبر. هذا التطور يعكس رغبة الطرفين في تجاوز الخلافات لتحقيق تفاهمات تخدم مصالح الجميع. وقد وصف رئيس الوزراء العراقي، السيد محمد شياع السوداني، زيارة بارزاني بـ “المهمة”، مؤكدًا على أن الحوار كان بناءً وهادفًا حول مختلف القضايا الداخلية والإقليمية. هذا يعكس إدراك الحكومة الاتحادية لأهمية إشراك إقليم كردستان في المناقشات الوطنية والإقليمية، مما يعزز وحدة الصف الداخلي.
في تصريحاته، أكد الرئيس مسعود بارزاني على أن زيارته تهدف إلى “تعزيز الجهود التي بذلها رئيس الوزراء وأدت إلى انفراجة حقيقية بين الحكومة الاتحادية والإقليم”، مشيراً إلى دعمه لخطوات الحكومة الاتحادية لتحسين العلاقات مع إقليم كردستان ورغبته في التوصل إلى حلول مستدامة للقضايا العالقة. هذه التصريحات تعكس توافقًا غير مسبوق بين القيادة الكردية والحكومة الاتحادية، مما قد يسهل التوصل إلى تسويات حول المسائل الحساسة مثل قانون النفط والغاز ورواتب الموظفين.
من جانبه، أشار عضو تحالف الإطار التنسيقي، السيد عائد الهلالي، إلى أن بارزاني جاء إلى بغداد حاملًا “الكثير من الحلول”، مما يعكس الثقة الكبيرة في قدرته على تقديم مقترحات فعالة لحل القضايا العالقة. هذه الزيارة ليست مجرد لقاء عابر، بل تحمل أبعادًا استراتيجية تهدف إلى تحقيق تسوية شاملة للقضايا العالقة بين الطرفين وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق والإقليم.
يمكن القول إن زيارة الرئيس مسعود بارزاني ولقاءاته مع قيادات الدولة والإطار التنسيقي والجهات الأخرى تعكس نضجاً في المشهد السياسي العراقي، مما يعزز فرص تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. هذه الزيارة تعبر عن التقدم الكبير في مستوى الحوار والتفاهم بين القادة السياسيين، وتشكل خطوة مهمة نحو حل الأزمات الخلافية بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.
إجمالاً، تمثل زيارة الرئيس مسعود بارزاني إلى بغداد نقطة تحول في مسار العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وتعكس رغبة مشتركة في التوصل إلى حلول مستدامة للقضايا العالقة، مما يعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق وإقليم كردستان على المدى الطويل.
ان شخصية بارزاني الكاريزمية والمؤثرة تضفي مصداقية وقوة على أي تفاهمات يتم التوصل إليها، وتعزز شرعية التسويات وتمنحها وزنًا سياسيًا كبيرًا. وصول بارزاني إلى بغداد محملاً بـ “الكثير من الحلول” يعكس ثقته في قدرته على التوسط وتقديم مقترحات فعالة لحل القضايا العالقة، مما يبرز دوره كوسيط مهم ومؤثر في المشهد السياسي.
عليه، تعكس زيارة بارزاني والتفاعل الإيجابي مع الأطراف المختلفة في بغداد حالة من النضج في المشهد السياسي العراقي، وتظهر بارزاني كقائد قادر على المساهمة في تحقيق التفاهمات الضرورية لتعزيز الوحدة الداخلية والاستقرار. هذه الزيارة ليست فقط نقطة تحول في العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، بل هي خطوة نحو بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للعراق بأكمله.