سما
في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحت الشاشات جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وتُستخدم بشكل متزايد من قبل الأطفال في سن مبكرة. ومع تزايد الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام التلفاز والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، تزايدت المخاوف بشأن تأثير هذه الأجهزة على نموهم وتطورهم. تكشف دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين اليابانيين عن تأثيرات سلبية محتملة لوقت الشاشة المفرط على الأطفال في سن عام واحد.
تُشير النتائج إلى أن التعرض المكثف للشاشات يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مهارات التواصل والحركة، مما يثير القلق بشأن عواقب هذه الظاهرة على المدى الطويل. في هذا السياق، يصبح من الضروري فهم المخاطر المحتملة واتخاذ خطوات للحد من تأثيرات الشاشات على نمو الأطفال و لتسليط الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن تأثير الأجهزة الإلكترونية على صحة الأطفال النفسية، كشفت دراسة حديثة أن تعرض الأطفال للشاشات في سن عام واحد يمكن أن يؤثر سلباً على نموهم العقلي والجسدي.
أجريت الدراسة بواسطة فريق من الباحثين اليابانيين، وشملت متابعة شاملة لـ 57,980 طفلاً. ووجدت الدراسة أن الأطفال الذين قضوا وقتاً طويلاً أمام التلفاز كانوا أكثر عرضة لضعف مهارات الكلام وصعوبات في الحركة خلال سن الثانية والثالثة. حللت الدراسة تأثير وقت الشاشة على قدرة الأطفال على المشي والتحدث وحل المشكلات، بالإضافة إلى مهاراتهم الاجتماعية.
وفي تعليقها على نتائج الدراسة، قالت الدكتورة ميدوري ياماموتو من جامعة تشيبا: ”زيادة الوقت الذي يقضيه الطفل أمام شاشة التلفزيون منذ سن عام واحد تؤثر سلباً على نموه في المستقبل. وللحد من العواقب السلبية للاستخدام المفرط لوسائل الإعلام، يجب على المتخصصين في الرعاية الصحية تقديم دعم اجتماعي للآباء والأمهات الذين يميلون إلى الاعتماد على هذه الوسائل“.
وأوصى المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية بضرورة تحديد أيام خالية من التلفاز للأطفال، مع وضع حد أقصى قدره ساعتان لوقت الشاشة اليومي. وأكد المعهد أن وقت الشاشة المحدود قد يكون مفيداً إذا كان المحتوى مناسباً لعمر الطفل.
أظهرت الدراسات السابقة أيضاً أن قضاء أربع ساعات أو أكثر يومياً أمام الشاشات يمكن أن يؤدي إلى تأخر في النمو، لكن الدراسة الأخيرة ركزت بشكل خاص على تأثير وقت الشاشة في عمر عام واحد على المخاطر اللاحقة.
بينت نتائج الدراسة أن الأطفال الذين قضوا وقتاً أطول أمام الشاشات أظهروا ضعفاً ملحوظاً في مهارات التواصل في سن الثانية، كما كانت مهاراتهم الحركية الدقيقة والمهارات الاجتماعية الشخصية أسوأ في سن الثالثة. وأوضحت الدكتورة ياماموتو أن ضعف التواصل قد يكون مرتبطاً بتقليص نشاط أجزاء الدماغ المسؤولة عن التفكير والعواطف والتحكم في النفس، بينما قد يكون تأخر المهارات الحركية ناتجاً عن فقدان فرص تعلم المهارات من خلال الأنشطة البدنية.
ورغم هذه النتائج، حذر خبراء مستقلون من أن الدراسة تشير إلى علاقة بين وقت الشاشة واضطرابات النمو، ولكنها لا تثبت أن مشاهدة التلفاز تسبب هذه الاضطرابات بشكل مباشر. وقالت البروفيسورة ماريا ديل مار سانشيز فيرا من جامعة مورسيا: ”ما نعرفه حالياً هو أن المشكلة لا تكمن في الشاشات بحد ذاتها، بل في نقص المحفزات الضرورية لنمو الأطفال، سواء كانت بسبب التكنولوجيا أو عوامل أخرى“.