سیما تیڤی

الرسام قاسم الشرقي:لاجئ يحوّل المعاناة إلى إبداع ملهم

سما

حسو هورمي

في زيارتي لمشغل الفنان والرسام الشرقي شاهدت ان كل لوحة يقدمها قاسم الشرقي تشكل حكاية مكتملة بحد ذاتها، تزخر بدلالات ورموز تحتاج إلى تأمل عميق لفك شفراتها. على سبيل المثال، قد تحتوي إحدى اللوحات على طاووس ملك يحيط به أشكال هندسية ترمز إلى الكون والخلود، في حين تصور أخرى شخصيات بلا ملامح تجسد معاناة اللاجئين وفقدان الهوية. الرموز المستخدمة تتجاوز كونها انعكاسًا لتجربة قاسم الفردية، لتصبح جزءًا من التجربة الجماعية التي عاشها الإيزيديون تاريخيًا، مما يضفي على أعماله إيقاعًا إنسانيًا ينسجم مع العالم المعاصر.
يتبنى الشرقي تقنيات رسم متطورة تُضفي الحداثة والجاذبية على لوحاته. يستخدم الألوان الزاهية، الأشكال التجريدية، والتراكيب البصرية المعقدة ليخلق أعمالًا مفعمة بالحياة وصديقة للمتلقي العصري. هذا التزاوج بين الأصالة والحداثة يجعل رسالته الفنية ذات طابع بصري مستحدث وبُعد إنساني يرتبط بجمهور متعدد الثقافات.
تُمثل تجربة قاسم الشرقي مثالًا قويًا على قدرة الفن في المزج بين الماضي والحاضر بوعي وإبداع، ليشكل بذلك وسيلة متجددة للحفاظ على التراث الإيزيدي ونقله إلى العالم الواسع. فلوحاته لا تقتصر على التعبير عن هويته وثقافته، بل تسعى لإيصال رسالة أعمق عن أهمية الحفاظ على الهوية الإنسانية في عالم سريع التحول.
إبداع قاسم الشرقي يكشف قدرة الفن على تجاوز الحدود الجغرافية والزمنية لينقل رسائل إنسانية عالمية. عمله يعكس قوة الإرادة التي يتملكها الفنان لابتكار الجمال حتى في أحلك الظروف، ويجعل من فنه صوتًا لكل من واجه الظلم والمعاناة. إنه يذكّرنا بأن الفن، في جوهره، هو جسر يربط الإنسان بعالمه الداخلي والخارجي.
ختامًا، يُعد قاسم الشرقي رمزًا بارزًا لجيل من الإيزيديين الذين برغم الألم والضياع، نجحوا في تحويل مآسيهم إلى مصدر قوة ونقلوا صوتهم للعالم بأكمله. إن تكريمه يأتي من كونه تمثيلًا صادقًا للصمود الإنساني وتجسيدًا مثاليًا لفكرة أن الجمال يولد من رحم المعاناة.

><