سعيد جردو مطو
صدر مؤخراً عن بيت الكتاب السومري نتاج للكاتب والباحث القدير الدكتور خليل جندي بعنوان ( البحث عن الدين الايزيدي التاريخي ) يقع هذا الكتاب في (400 صفحة) ويتضمن بين طياته اثنا عشر فصلاً زاخراً بمادة علمية رصينة اعتمد فيها الباحث على العشرات من المصادر الموثوقة والقيمة وبذلك وفر للباحثين عن الحلقات المفقودة من الديانة الايزيدية خارطة طريق ربما ستكشف عن الكثير من الآثار التي تثبت أحقية الديانة الايزيدية بأن تكون من ضمن الينابيع الأولى التي ارتوت منها باقي الأديان إن لم تكن النبع الأول .
في الفصل الأول من الكتاب يتطرق الباحث الى نظريات أو فرضيات نشوء البشرية ومنها نظريتي العالمين ( آرثر كيث وماكس مؤلر) ثم يأتي الى منبع الشعوب الآرية وسلالاتها وفي هذا الصدد يستشهد بأراء عالم الجينات البروفيسور ( أناتولي كليوسوف ) المتعلقة بتقسيم هذه السلالات وما حدث من هجرات لهذه الشعوب في غابر الزمان وما صاحب ذلك من تغيير في أنماط حياتها ويستخلص الباحث من كل ذلك بأن ( التاريخ الحقيقي هو ما يتركه الانسان من أثر على الأرض وما تضع يداه وما يخرج من فكره وما يخط قلمه ) ويؤكد بأنه لا يوجد تاريخ صحيح للماضي إنما هو تفسير للآثار والحفريات والبرديات .
خصص الباحث الفصل الثاني من كتابه القيم لديانات الشعوب الهندو_ايرانية ويركز في بداية الفصل على المعتقد الزورفاني بأعتباره ركناً اساسياً في بنية الأديان المشار اليها ، ويذكر الباحث بالتفصيل ملامح الفلسفة الزورفانية في الديانة الايزيدية ثم يسرد بمهنية الباحث المحترف واستناداً الى العديد من المراجع والمصادر الموثوقة تاريخ هذه الأديان وفلسفتها ، بدأ بالديانة المجوسية وتفرعاتها ( الكيومرثية – المانوية – المزدكية ) ثم يتطرق الى الديانتين المترائية والزرادشتية بشكل مفصل وبعدها يأتي الى الديانة الايزيدية ليكتب في بداية حديثه عنها :- ( يكتب التاريخ في اغلبه لصالح الطرف القوي سواء اكان ذلك الطرف ديناً أم قومية أم طبقة مستغلة من هذا المنظور ألحق غبن وتشويه كبيران بالديانة الايزيدية ) .
يذكر الباحث الكثير من المعلومات التي تؤكد عراقة الديانة الايزيدية وجذورها الموغلة في أعماق التاريخ مع التأكيد على تأثيرها بفلسفة باقي الديانات بحكم البيئة المعاشة ومخالطة الثقافات المتعددة ، ويبحث الكاتب في أصل كلمة الداسنية أو الداس ذاكراً العديد من المعلومات المهمة المتعلقة بهذا الجانب وينهي الدكتور الفاضل هذا الفصل بالتساؤل التالي :- ( هذا التداخل والتواصل بين الأديان والمذاهب والعقائد الكوردية غير المسلمة في كوردستان يضع أمام الكوردولوجيين مهمة جدية وكبيرة ، هي ان يتوقفوا عند هذه الظاهرة ليتوصلوا في دراساتهم الى نقطة التقاء هذه الأديان والمذاهب وما الدين الأولي الذي كانوا ينهلون منه أفكارهم ومتى أبتعدوا عن المركز الأم ؟؟ ) .
في الفصل الثالث من مبحثه القيم يتطرق الدكتور الفاضل الى قدسية الشمس والقمر لدى مختلف الديانات والشعوب بدأَ بالشعوب القديمة من آريين وسومريين وأكديين وانتهاءً بالشعوب المتحضرة كالشعب الياباني الذي لا يزال يقدس الشمس وتشكل رمزاً رئيسياً في معتقد الشنتو الذي ينتهجه اليابانيون في ثقافتهم الروحية وكذلك يقارن بين قدسية الشمس والقمر لدى الديانات الايزيدية والميترائية والزرادشتية ، يؤكد الباحث على ربط الموضوع بالبيئة المعاشة فمثلاً الشعوب السامية ومنهم العرب أعطوا مكانة خاصة للقمر في معتقداتهم القديمة كونهم كانوا يعيشون في الصحراء وهم كانوا في ترحال وكانت الليالي المقمرة تؤنسهم بعكس الشمس بحرارتها اللاهبة … في هذا المضمار يؤكد الباحث بأن ثبات موطن الايزيديين في البيئة التي تمتهن الزراعة تأكيد على أن للشمس المكانة الأولى في معتقدهم كون المناطق الجبلية وسهولها تحتاج الى دفء الشمس ونورها وهما ضروريان للبشر والمحاصيل الزراعية معاً … بعدها يأتي الباحث الى ذكر قدسية النار كونها انعكاس لنور الخالق على الأرض كما يشكل عنصراً فاعلاً لطرد الظلمة وتطهير روح الانسان من الشرور وقد كان الآريون القدماء بمختلف معتقداتهم ( الايزيدية – المجوسية – الزرادشتية ) من اكثر المجموعات تعلقاً بقدسية النار وربما جانب من هذا الأمر متعلق بالبيئة التي كانوا يعيشون فيها .ويجد القارئ في هذا الفصل مقارنات بين ميلاد ميترا وصوم ايزيد وعيد بيَلندا وباتزمى وكذلك طقس القباغ الذي لا يزال يمارس في مراسيم عيد الجما إضافة الى مقارنة بين بةرىَ شباكىَ وتابوت العهد لدى الديانة اليهودية ومسألة الختان يضاف اليها رموز أخرى .
في الفصل الرابع من الكتاب والمعنون ( الجذور الفكرية والعقائدية للديانة الايزيدية ) يذكر الكاتب بأن السومريون من بين أقدم الموجات البشرية القادمة من مراعي ميديا شمال ايران والمتاخمة لبحر قزوين ، ويؤكد بأن الايزيدية هي الديانة الوحيدة الباقية التي لا تزال تحي أعياد سومر وأهمهم ( عيد اكيتو – عيد سرسال ) وتقدس رئيس الملائكة دوموزي ( طاووس ملك ) … ثم يأتي الى ذكر قصة الطوفان حسب ميثولوجيا الايزيدية ونصوصها المقدسة والتي توحي بأن قصة الطوفان قد بدأت من عين سفني التسمية المأخوذة من سفينة نوح ( عين السفينة ) ثم يسرد احداث الطوفان ضمن سبقات نص ديني يذكر تفاصيل ما جرى … ومن عقيدة التناسخ والخلود عند الأديان يؤكد الباحث بأن جميع الأديان والمعتقدات مرت بثلاثة مراحل وهي : – 1- الديانة الطوطمية 2- الديانة الاحيائية ( متعددة الآلهة ) 3- الديانة التوحيدية … وبعدها يذكر أراء الفيلسوف اليوناني هيرقليطس ( 475 – 535 ق.م ) عن صيرورة الروح وجوداً وفناءً وخلوداً … يرجح الكاتب عودة جذور فكرة التناسخ الى الديانة الطوطمية مؤكداً بأن الأديان جميعها تجتمع حول فكرة : – الطاقة / الروح وحدة الوجود ، الخلود ، الصراع بين الخير والشر ، المحاسبة ( الثواب والعقاب ) … بدأ بديانات سومر وبابل وأشور وشعوب جبال زاكَروس والديانة المصرية القديمة وانتهاء بالديانة الإسلامية .أما بشأن ديانات أسلاف الكورد من الحوريين الميتانيين والكاشيين والكوتيين وغيرهم من شعوب جبال زاكَروس وأواسط آسيا ( اليزدانية ومنها – الايزيدية – الميترائية – الزرادشتية – اليارسانية – الكاكائية – المزدكية – العلوية – الدرزية – والشبك ) فيقول الكاتب بأنها جميعاً تشترك في عقيدة تناسخ الأرواح وقدسية الشمس والنار وتقديس عناصر الطبيعة الأربعة ( الماء – التراب – الهواء – النار ) ….وعن عقيدة التناسخ في الدين الايزيدي وهو المحور الرئيس في هذا الفصل يؤكد الباحث بأن الروح في الديانة الايزيدية خالدة لا تموت تجازى أو تعاقب ضمن آلية تناسخ الأرواح التي تشترك فيها الديانة الايزيدية مع الديانة الهندوسية والبوذية ويسرد الباحث مسألة الخلود في أساطير وملاحم وديانات الأقدمين كملحمة كَلكَامش وديانات الفراعنة والهندوس والبوذيين وكذلك في الفكر الإغريقي إضافة إلى مواضيع أخرى مرتبطة بهذه المسألة يستنتج في نهاية الفصل بأن فكرة الخلود والموت و وجود الحياة الأخرى قضية جوهرية تقلق الأنسان منذ أقدم العصور والى الوقت الحاضر .
في الفصل الخامس يستمتع القارئ بالمعاني والدلالات التي يذكرها الباحث عند البحث عن جذور بعض الأسماء القديمة التي لا تزال تحافظ على ديمومتها مؤكداً بأن اللغة هي الأساس التاريخي لظهور القيم الروحية والثقافية ولا شك بأن غاية الباحث في هذا الفصل والفصول التي سبقته وما تبقى من فصول أخرى لمبحثه القيم هو العثور على الحلقات المفقودة من سلسة تاريخ الديانة الايزيدية بهدف إيجاد تاريخ متكامل وموثوق يفند كل ما لحق بهذه الديانة العريقة من كتابات مشوهة كتبت بقصد أو بدون قصد وهي كانت في مجملها سبباً في رسم صور نمطية سلبية عن الدين والإنسان الايزيدي في اذهان معتنقي بقية الأديان سيما التبشيرية منها .
الفصل المعنون ( بحث في الحلقات المفقودة ) هو السادس من أجزاء هذا النتاج الثر بمعلوماته واستناجاته الجديرة بالاهتمام والتأمل يبذل الباحث القدير في هذا الفصل قصارى جهده لإيجاد العديد من الحلقات المفقودة لفلسفة الديانة الايزيدية التي تكمن في نصوص وتعاليم الهندوسية وزيارة الباحث للهند بهدف التمعن فيما هو مدون ومروي على لسان معتنقي الهندوسية فيما يتعلق بما ذكر عن قرب خطوة مهمة في مجال البحث العلمي الجاد وهي محل تقدير كل المهتمين بهذا الأمر هنا أتذكر توصية الكاتب والأديب القدير الدكتور عبد الرحمن مزوري خلال زيارته لمركز لالش حيث أكد على ضرورة الطلب من حكومة أقليم كوردستان للحصول على مقاعد لطلبة ايزيديين في الجامعات الهندية لبحث ودراسة أوجه التشابه والمقارنة بين الديانتين الايزيدية والهندوسية ضمن برنامج الحصول على شهادتي الماستر والدكتوراه … ما أورده الباحث الفاضل د.خليل في هذا الفصل يؤكد على أخذ توصية الدكتور المزوري محمل الجد وتقديم طلب لحكومة كوردستان بهدف مفاتحة دولة الهند عبر القنوات المتاحة لتلبية هذا الطلب … يذكر الباحث القدير العديد من المشتركات بين الديانتين الهندوسية والايزيدية …منها عدم وجود رسول لكلتا الديانتين، تقديسهما للشمس وايمانهما بوحدة الوجود والتناسخ و تقديسهما لرمز الطاووس ، النظام التراتبي الطبقي في كلتا الديانتين ، تشابه تام بين صفات الخالق في الديانتين ، يضاف الى ذلك بأن الديانتين من الديانات العريقة التي آمن بها الشعوب الآرية ( الهندواوربية ) كفلسفة شاملة مستنبطة من ظواهر الطبيعة وقوانينها …
في الفصل السابع من الكتاب يغوص الباحث في أعماق التاريخ ليحاول فك الكثير من الطلاسم سيما ما ذكر في كتاب مصحف رش المتداول بين القراء والذي ربما كان له وجود في متاهات التاريخ بمضمون جرى عليه الكثير من التغيير والتحريف ذاكراً أسماء العديد من الملوك الذين ينسبهم مصحف رەش الى الايزيديين وفي حقب تاريخية وجغرافية مختلفة ليتقرب مرة أخرى من حلقات باتت مفقودة بحكم ظلم البشر وتشويه حقائق التاريخ .. ثم يسرد الباحث حكاية الملك نبوخذ نصر ( بختنصر) حسب الميثولوجيا الايزيدية التي تذكره كملك ايزيدي توصيه السماء بفتح القدس انتقاماً لما تعرض له الايزيديون على يد أبناء الديانة اليهودية في ذلك الزمان ويستشهد في هذا المضمار بنصوص مقدسة من الادب الديني الايزيدي … مفردة ( قريش ) هي الأخرى من الطلاسم التي يحاول الباحث جاهداً في الوصول الى منبعها بأعتبارها تخص جماعة معينة من الاقوام الآرية ( الهندواوربية ) التي اضطرتها الظروف لهجرات متعددة لتذوب هي ومعتقداتها القديمة في البيئة التي استقرت فيها .هذا الفصل معني بعلاقة نبوخذ نصر ( بختنصر ) بالديانة الايزيدية ..
وفي الفصل الثامن المعنون ( المراحل التاريخية لتطور عقيدة طاووس ملك )يغوص كاتبنا القدير د.خليل جندي بحرفية الباحث الجاد في اعماق التاريخ ليجد لنا المراحل الأولى لخلق الايمان والاعتقاد بألهة إدارة شؤون الكون وفي هذا المضمار يؤكد الباحث بأن ( طاووس الملائكة ) الذي هو اسم من أسماء الخالق في العقيدة الايزيدية امتداد لألهة الشعوب الآرية القديمة ومنهم السومريون الذين جسدوه في الإله ( دوموزي ) كاله دائم التجدد والانبعاث ليشرف على استمرارية الحياة بمراحلها ومواسمها المختلفة قد يجد القارئ ذكر الإله (طاووس ملك) في مصادر أخرى بأسماء غير ( دوموزي ) كأنكي أو نابو وهو ما يذكره الكاتب العراقي نبيل عبد الأمير الربيعي في نتاجه الموسوم .(الايزيدية اقدم الديانات التوحيدية الشرقية ) والذي صدر مؤخراً من دار الفرات بأن ( ظهر طاووس ملك في السومرية على انه الإله (انكي) رب الأرض ورب الحكمة وقد اخذت السومرية فكرة الإله انكي من المبعوثين الايزيديين الذين جاءوا من الهند ولعبو دوراً مهماً في الحضارة السومرية ) ص 112 .لكن الخبرة المتراكمة لباحثنا الفاضل د.خليل جندي في هذا المجال وما سبق نتاجه القيم هذا من نتاجات قيمة تتعلق بجوانب أخرى من موضوع البحث أسداها للمكتبة الكوردستانية والعراقية والعربية بشكل عام تجعله رائداً في عملية البحث الجاد عن الحلقات المفقودة للديانة الايزيدية راسماً بذلك خريطة طريق لكل المهتمين بهذا الأمر في سبيل الوصول الى حقائق مخفية لا تزال تربك المصداقية المطلقة للاصدارات التي تتناول موضوع الديانة الايزيدية العريقة .
في الفصل التاسع من الكتاب والمعنون ( هل يمكن التوفيق بين القصص الديني والحقائق التاريخية ) يعرض الباحث الكثير من الحقائق والاستنتاجات التي ربما كانت خافية على القارئ خاصة ما يتعلق بالعادات التي لا تزال تمارس بين الايزيدية وهي بجذورها تمتد الى حضارات قديمة وعادات وقصص يعتقد الايزيدية بأنها النبع الذي تدفقت منه وهي الآن في خانة اهتمامات العديد من الأديان ( الإسلام – المسيحية – الهندوسية ) ولكي يثبت الباحث ما توصل اليه يستشهد بنصوص مقدسة من الادب الديني الايزيدي وسأورد هنا مقتطفاً مما دونه الكاتب في بحثه القيم الصفحة (281) (إن البير – الشيخ – المريد من أرومة واحدة ومن عائلة واحدة تربطهم قرابة الدم والحليب الواحد والكلمات الثلاث ( بير – شيخ – مريد ) هي كلمات من أصل هندو- أوروبي أو هندو- آري أو هندو- جرماني كما اشير اليهم وليست كلمة ( الشيخ – المريد ) عربية دخلت الى الديانة الايزيدية حديثاً كما يدعي البعض الذين لا يفقهون التاريخ ولا علم اللغة ) .
الفصل العاشر من الكتاب خصصه الباحث لإعادة قراءة التاريخ .جغرافيات وأزمنة وإشارات وأقانيم تتداخل وتتشابك في هذا الفصل بدأ بالمجموعة المسمات بالهكسوس التي حكمت مصر في غابر الزمان عشرات السنين وما تركه هذه من أسماء لا تزال متداولة لدى أبناء الديانة الايزيدية ثم يطرح الباحث تساؤلات عديدة حول علاقة جد الأنبياء إبراهيم الخليل ومكة وقريش بالديانة الايزيدية وبعد ذلك يقارن بين نص مقدس من الادب الديني الايزيدي ( گاو ماسى ) وبين سفر الخروج في التوراة إضافة الى الحديث عن العديد من آثار الحضارات القديمة التي لا تزال شاخصة في منطقة وادي الرافدين … لا شك بأن هناك روابط بين المعتقد الايزيدي الذي ظهر في جغرافية كانت تشاركه أقوام وحضارات أخرى وبهذا الصدد يبذل الباحث قصارى جهده لإماطة أللتام عن تلك الروابط التي لا يزال يكتنفها الغموض حتى يومنا هذا …
في الفصل الحادي عشر يعرض باحثنا القدير مقتطفات من نتاج الباحث صلوات كولياموف المسمى ( آريا القديمة و كوردستان الأبدية) محللاً ومفسراً رموزاً وأسماء الشعوب وأشخاص وجغرافيات ترد في النتاج المذكور ولها ارتباط وثيق بالمعتقد الايزيدي وما طرأت عليها من تغييرات بحكم الزمن وما جرى فيه من أحداث وهجرات وتغيير بيئي كما يفند الباحث في هذا الفصل الرأي القائل بأن للدين الايزيدي جذرين جذر شمالي مرتبط بالمثرائية وجذر جنوبي له علاقة سومر وبابل مؤكد بأن الدين الايزيدي له جذر واحد فقط وهو الجذر الشمالي وما حدث فيه من تحولات تعود لفترات تاريخية مختلفة لا يغيير من الأمر شيء وهو ما يجب أن يثبت بالدليل القاطع عن طريق البحث المستمر عن الحلقات المفقودة للديانة الايزيدية العريقة …
في الفصل الأخير من الكتاب والمعنون ( الحملات الظالمة على الشيخ آدي وسلالته ) يدحض الباحث و بالأسانيد التاريخية ما يطرحه بعض الكتاب والمثقفين من معلومات خاطئة بحق الشيخ الجليل ادي بن مسافر الهكاري الذي قال الشيخ عبدالقادر الكيلاني عن مناقبه وكراماته : – ( لو كانت النبوة بالمجاهدة لنالها الشيخ عدي بن مسافر ) وإن الحملات التي تشن ضد الدور الرئيس الذي قام به في نجديد الديانة الايزدية محاولات بقصد أو غير قصد للنيل من عراقة الديانة التي تمتد بجذورها في عمق التاريخ الآري بدليل أن نصاً مقدساً من الادب الديني الايزيدي يقول : – ( ژ ئاریان ئەز مللەتێ خاسم – من الآريون نحن شعب خاص ) وإن الشيخ الجليل بكل ما حمله من أفكار عظيمة واصلاحية وتنظيمية لإعادة هيكلية الديانة الايزيدية كان بهدف الحفاظ على هذا الموروث الإنساني العظيم من الاندثار والانصهار في بودقة باقي الديانات التي ظهرت في فترات تاريخية لاحقة.
من كل ما سبق من قراءات في فصول النتاج القيم للباحث القدير الدكتور خليل جندي والموسوم ( البحث عن الدين الايزيدي التاريخي ) نستنتج بأن الغموض الذي يكتنف الكثير من صفحات تاريخ الديانة الايزيدية العريقة هو نتيجة ضياع الكثير من الحلقات التي كانت تربط سلسلة وجودها تاريخاً وفكراً وفلسفة واعرافاً وتقاليد ، والباحث يبذل أقصى جهوده في هذا النتاج الثر ليعثر على الكثير من تلك الحلقات إن لم يكن كلها وسواء نال الباحث كل مبتغاه أو جزأً منه فأن ما أهداه لعشاق البحث العلمي الرصين عبر نتاجه هذا يشكل خارطة طريق للعثور على المزيد من الحقائق التاريخية الخافية عن الدين الايزيدي الذي اعتنقه الشعوب الآرية وبخاصة الشعب الكوردي في مراحل تاريخية مختلفة والذي لا يزال يتحدى عواصف الفناء والانصهار بكل عز وشموخ واباء … وأخيراً أقول شكراً للكاتب والباحث والقدير الدكتور خليل جندي على هذا النتاج الجدير بالقراءة والتأمل .
ملاحظة/ المقالة منشورة في العدد الاخير من مجلة لالش 52…..