سردار علي سنجاري
تمر اليوم الذكرى العاشرة على جينوسايد العصر و ابشع المجازر في تاريخ البشرية الحديث . حيث تعرضت مدينة سنجار المسالمة لهجمة شرسة من قبل عصابات الفئة الضالة داعش في مثل هذا اليوم 3/8/2014 ارتكبت جرائم حرب بحق المكون الايزيدي المسالم و التي اعتبرت ابشع المجازر عبر العقود الاخيرة من تاريخ البشرية والإنسانية حيث تسببت في مقتل اكثر من ١٥٠٠ رجل من مختلف الاعمار خلال ايّام ضمن مجزرة جماعية راح ضحيتها النساء والشيوخ والأطفال وسبي الفتيات الذي وصل عددهن الى اكثر من ٥٠٠٠ آلاف فتاة تم تحرير البعض منهن عبر عمليات تحرير معقدة.
لم تكن ماساة الثالث من اب سنة 2014 هي الاولى في تاريخ الأيزيديين فقد سبقتها مجازر عديدة تجاوزت السبعين مجزرة لم يكن للايزيديين ذنب فيها إلا لكونهم ينتمون إلى معتقد ديني لا يرضي المتطرفين من الدين الإسلامي.
لن نخوض في الأسباب وإنما نريد البحث عن الحلول ووضع رؤيا واضحة لمستقبل هذه الطائفة التي عانت عبر العقود الماضية لأكثر من ٧٣ مجزرة ارتكبت بحقهم بسبب انتمائهم الديني .
بعد مرور عشرة أعوام على الماساة التي شملت كل مكونات قضاء سنجار بمختلف التوجهات الدينية والعرقية ماتزال سنجار تأن وتتألم وابنائها يستفسرون عن
كالأسباب التي تمنع عودتهم الى مناطقهم بعد تحريرها من أيادي الفئة الضالة وعودتها الى سيطرة الحكومة العراقية وتحت حماية بعض القوى العسكرية النظامية منها والغير نظامية .
ان التعمق بالاسباب الحقيقية للمأساة التي حلت بمدينة سنجار قد يقودنا إلى جدال عقيم لا نستفيد منه شيئا لان الأطراف التي كانت يفترض ان تلعب دورا محوريا في حل مشاكل المدينة ومكوناتها قبل المأساة لم تعطي اهتماما كافيا بالمنطقة وإنما خلقت العديد من المشاكل التي تسببت في ايجاد ثغرات أمنية وعسكرية في المنطقة، لا سيما التلكؤ في تنفيذ المادة ١٤٠ من الدستور العراقي التي ما تزال مجرد حبرا على الورق .
لقد دفع أهالي سنجار بكافة مكوناتهم ثمنا باهظا جدا بسبب الخلافات السياسية التي تشهدها المنطقة منذ سقوط الدولة العراقية السابقة . تلك الخلافات التي لم يكن لها اي مبرر سوى فرض السيطرة على المدينة التي تمتاز بموقع جغرافي هام يفرض عليها دوما تبعات سياسية وتدخلات من دول الجوار فهي تقع في المثلث العراقي السوري التركي وهذا المثلث يعتبر من اخطر المناطق في خارطة الشرق الأوسط حيث تتلاقى المصالح المشتركة على القضية الكوردية وتتنافر مصالحهم على السيادة بين تلك الدول وفي الحالتين هناك ضريبة للمثلث وسكانه.
ان ماحدث في هذا اليوم المشؤوم من تاريخ البشرية لايمكن تجاهله ونسيانه والمرور عليه مرور الكرام لان دماء الانسان مهما كانت انتماءه ومعتقداته ودينه ليست رخيصة للسفك من اي كان وعلى الذين سفكوا الدماء ان ينالوا الجزاء العادل وبالمقابل ان يتم إنصاف المتضررين وتعويضهم بما يتناسب وحجم المأساة وهذا مالم يحصل بعد من قبل الحكومة العراقية رغم مرور عشرة أعوام على جريمة الجينوسايد، و رغم تعاقب الحكومات منذ وقوع الجريمة إلى يومنا هذا . اما من الناحية السياسية فبالرغم من توصل الحكومة العراقية المركزية لاتفاق مع حكومة اقليم كوردستان والأمم المتحدة حول مصير سنجار وعودة النازحين وتعويض المتضررين في 2020 سميت باتفاقية سنجار من اجل تطبيع الأوضاع وانصاف الضحايا والعودة الآمنة والكريمة لاهالي سنجار إلا ان اي من تلك الأطراف لم تلتزم بها كما يجب مما سمح للعديد من الجهات الاخرى الغير نظامية من التدخل بشؤون المنطقة وفرض ارادتهم على أبناءها بالقوة.
ليس من الواضح حتى اليوم ان كانت هناك خطوات جادة من قبل البرلمان العراقي الذي اصدر قرارا سنة 2016 اعتبر خلاله ان سنجار منطقة منكوبة ولكن خطوات التي تلي مثل هذا القرار يلزم الحكومة العراقية بإعادة بناء المنطقة وتعويض سكانها وتخصيص صندوق وطني من خلاله يتم تنفيذ القرار وهذا مالم يحصل إلى الآن . وفي سنة 2021 صدر قرار ايضا من البرلمان العراقي بخصوص الناجيات الايزيديات ولم ينفذ القرار ايضا وهنا نتسأل ونسأل هل الاخوة الايزيديين هم عراقيون أم لا وان كانوا كذلك فعلى الحكومة العراقية واجب اخلاقي وقانوني وانساني في إنصاف كل المتضررين من أهالي سنجار والعمل الجاد على عودتهم وتامين حياة كريمة لهم وتوفير كل ما يمكن توفيره لضمان حمايتهم مستقبلا وعدم تكرار ما حدث للايزيديين وأهالي سنجار مرة أخرى . وكذلك على حكومة اقليم كوردستان السعي الجاد للتوصل إلى تسوية شاملة مع الحكومة العراقية بما يخص المادة ١٤٠ التي تعد احد ألاسباب فيما جرى فبالرغم من إيواء الأقليم النازحين من سنجار وتوفير احتياجاتهم خلال السنوات العشر الماضية إلا أن هناك بعض الأمور الأخرى المطلوبة من حكومة الاقليم القيام بها من أجل تحقيق الإنصاف والعدالة لاهالي سنجار عامة والإخوة الايزيديين خاصة .