تعتبر عيد الجما من الأعياد المهمة في الديانة الإيزيدية، فيها تغفر الخطايا وتنزل الرحمة، ويستدل فيها الناس على معرفة السنة المقبلة إن كان خصباً أو جدباً، وهذه إشارة واضحة الى الملائكة وكل الكائنات وحركة الأفلاك في الكون، يتحركون تبعية حول القوة العظمى في الأكوان، حيث أن كل ما في الكون من كواكب ونجوم واجرام ومجرات تدور حول قوة خارقة، و إن عملية مراسيم وطقوس السما هي في هذا الاتجاه والمعنى.
كلمة الجما او الجم هي كلمة ايزيدية (كُردية) الى جم لالش، او الى عند لالش وزيارته، يعني الذهاب الى لالش النوراني والتقرب للخالق، وهي ليست الجماعية كما يقال ولا تعني الجمع، وقد تم تحريف اسم الجما الى الجماعية في الآونة الاخيرة، صحيح أن في عيد الجما يحدث تجمع كبير في لالش، ولكن في جميع الاعياد الايزيدية في لالش يحدث التجمع فيها، ومنها عيد رأس السنة الايزيدية.
يبدأ عيد الجما الآن بتاريخ (23/9) من شهر أيلول الشمسي وحسب التقويم الشمسي الايزيدي من كل سنة، ويوافق تاريخ(6/10) حسب التقويم الميلادي، عندما يدخل الشمس إلى برج الميزان, وهو تاريخ الاعتدال الخريفي(22ـ 23/9) وتساوي الليل والنهار.
يقع هذا العيد في منتصف السنة الشمسية”الشرقية”، فيها مراسيم وطقوس محددة في ايام معينة مثل (بري سواركرن مرتبط باليوم الرابع, القباغ مرتبط بيوم الاربعاء وهو اليوم الخامس, وتنصيب برى شباكى مرتبط بيوم الخميس وهو اليوم السادس, ويوم عيد الجما مرتبط بيوم الجمعة وهو اليوم السابع, وهي سلسلة مراسيم وطقوس دينية تبدأ ايامها من يوم السبت وتنتهي في يوم الجمعة وهو يوم العيد, انها على غرار تكوين الخلق والخليقة في سبعة ايام حسب الميثولوجيا الايزيدية.
أن نظرية الديانة الإيزيدية في خلق الكون والتكوين يختلف في الكثير من الأمور الأساسية عن باقي الأديان، التي لم يتطرق إليها أي دين في انفجار الدرة البيضاء “الدوي الهائل”، والفلسفة الإيزيدية هي الأقرب إلى مفهوم النظرية العلمية حول نشأة الكون ..؟ التي تشير في البدء كانت الدنيا ظلاما ولم يكن فيها أي شكل من الحياة والطبيعة.
إن لعيد الجما علاقة فلكية دقيقة جدا بعيد رأس السنة “سرسال” وهي ايضا أشارة إلى خلق الخليقة والطبيعة, وأنهما على نفس التشابه والعلاقة الفلكية بين مربعانية( الصيف ــ الشتاء) والعلاقة الفلكية بين هاتين المربعانيتين كالعلاقة المناخية والحسابية بين الاعتدالين الربيعي (سرسال) والخريفي(عيد الجما)، وكذلك بين الانقلاب الصيفي في(مربعانية الصيف) والانقلاب الشتوي في(مربعانية الشتاء)، هذه المواقع الفلكية ألأربعة التي تمر بها كوكب الارض خلال دورانه حول الشمس.
تاريخ عيد رأس السنة “سرسال” يقابل تاريخ عيد الجما في الدائرة الفلكية التي يقطعها ويرسمها كوكب الأرض بدورانه حول الشمس، وانهما يقعان على نقطتين متقابلتين على طرفي قطر الدائرة المدارية لحركة كوكب الأرض حول الشمس. وكذلك ان طقوس ومراسيم القباغ “كايى باغ” يجب أن يكون في يوم الأربعاء، وعيد رأس السنة الايزيدية يشترط أن يكون في أول أربعاء من شهر نيسان, وكان في زمن السومريين في(ادار/اذار) لان بداية التقويم الشمسي كان يبدأ في (21/3) وهي الاعتدال الربيعي، أذاً أنهما عيدان متلازمان ومرتبطان بيوم الأربعاء ومدى قدسية هذا اليوم لدى الديانة الايزيدية، وايضاً انهما يقعان في الاعتدالين الربيعي والخريفي في(20/3 ــ 23/9) المتقابلتين في دائرة البروج الفلكي.
يأتي عيد الجما بعد(سرسال) بستة أشهر, وتساوي(182,5) يوم. وفي يوم العيد نجد أن كوكب الأرض قد قطع في حركتها المدارية نصف دائرة مدارها، و قطع زاوية مستقيمة (180) درجة، وما تؤكده وتوثقه تاريخ طقوس يوم القاباغ وهو يوم الأربعاء ويقابل ليوم الأربعاء لعيد سرصال في شهر نيسان(اذار) في دائرة البروج الفلكي، وذبح الثور والتضحية به وتقديمه قربانا لملاك شيمشم (شمش البابلي) في معبد شيشمس في لالش.
ان اقرب الأديان القديمة إلى حقيقة الديانة الايزيدية هو الديانة المثرائية. وفي العديد من معابدها كانت توجد صورة رمزية تمثل الإله (شمش) وهو يذبح الثور، وتمثل هذه الصورة ملاك الشمس بشخص وهو يمسك بالثور من خيشومه أو من قرنيه بينما يركع الثور أمام الملاك, وهو يمسك بيمناه خنجرا يغمده عميقا حتى المقبض في قلب الثور، فسنابل الحنطة تنمو من ذيله أو من نهايته أو من دمه، وفي الصورة انجد عقربا ينهش الأعضاء التناسلية للثور.
إن هذه الصورة المترائية يؤيد الاقتران والتاريخ الفلكي واستخدامه في تقويم ذلك الزمان, وهو تاريخ الابراج الفلكية, والاقتران الفلكي بين عيد الجما وبين عيد رأس السنة(سرسال)، وبمعنى أوضح أن ملاك الشمس يقضي على الثور عندما يدخل الشمس إلى برج الثور ويمسحه ويخفيه من دائرة البروج الفلكي خلا