سیما تیڤی

الإيزيديون وتغيير السردية: كيف أعاد الإعلام رسم ملامح مجتمع مُهمّش؟

سفيان سلو

لوقتٍ طويل، ظلّ المجتمع الإيزيدي محصورًا في سرديات ضيقة ومشوّهة، رُسمت في أذهان الرأي العام من خلال جهل عميق من قبل وسائل الإعلام المحلية والدولية ، وقطاعات واسعة من الرأي العام، بثقافة وتاريخ وهوية الإيزيديين هذا الجهل إلى جانب التجاهل الممنهج ،أدى إلى تغيب صوت إيزيديين أنفسهم عن المشهد الإعلامي . لكن السنوات التي تلت إبادة عام 2014 على يد تنظيم داعش، شهدت تحولًا نوعيًا، حيث بدأ الإيزيديون لا يروون قصتهم فقط، بل يعيدون تشكيل صورتهم في الوعي الجمعي، من خلال الإعلام، عبر روايتهم الذاتية لتجربتهم من معاناتهم و هو ما بدأ يُحدث اثرًا تدريجيًا في تغيير الصور النمطية . ما بعد الإبادة: من الغياب إلى الحضور قبل عام 2014، كان عدد الصحفيين الإيزيديين لا يكاد يُذكر، بسبب انعدام الفرص، وغياب البنية الإعلامية، والمناخ السياسي والاجتماعي الذي لم يمنح هذا المجتمع مساحة للتمثيل الذاتي. لم تكن روايتهم تُنقل بألسنتهم، بل غالبًا ما كانت تُصاغ عبر آخرين، وهو ما ساهم في ترسيخ الصور النمطية وغياب الفهم الحقيقي لهوية الإيزيديين. غير أن ما بعد الإبادة شمل لحظة تحول حقيقة . فقد ظهرت مؤسسات إعلامية إيزيدية كان لها دور بارز في بناء خطاب إعلامي ذاتي ، من بينها قناة سما تيفي TV كأول قناة منخصصة بالشأن الإيزيدي في أقليم كوردستان والعراق ، إلى جانب منصات رقمية نشأت على وسائل التواصل الاجتماعي مثل إيزيدي ٢٤ ، إيزيدي نيوز ، جيا بريس ، KCM , والتي ساهمت جميعها في تدريب جيل جديد من الصحفيين و صناع المحتوى من داخل المجتمع الإيزيدي . و في الوقت ذاته ، بدأ عدد متزايد من الصحفيين الإيزيديين بالعمل في مؤسسات إعلامية كوردية بارزة مثل روداو ، كوردستان ٢٤ ، كوردستان TV , ما عزز حضورهم المهني ووسع من تمثيلهم في المشهد الإعلامي في إقليم كوردستان . اليوم، يعمل عشرات الصحفيين الإيزيديين في مؤسسات إعلامية عربية وكردية يغطون قضايا تتعلق بالشأن الإيزيدي بالإضافة الى موضوعات اوسع مثل السياية الاقليمية ، والثقافة، وحقوق الاقليات الاخرى ويسهمون من انتاج خطاب اعلامي اكثر تعددية و شمولا . خروج تدريجي من العزلة الاعلامية رغم ان الحضور الايزيدية في الاعلام العالمي لا يزال محدودا فقد بدأت مؤشرات واضحة على كسر حاله العزلة الاعلامية . بعض الصحفيين استطاعوا تجاوز الاطار المحلي وفرد حضورهم في مؤسسات اقليمية ناطقة بالعربية والكردية ما شكل خطوة اولى نحو التوسع في دوائر التأثير. لم يعد الصحفي الصحفي الإيزيدي مجّرد راوٍ لمعاناة مجتمعه بل بات مساهما في صناعة الرأي العام في قضايا تتعلق بالعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان والتنوع الثقافي وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من التقدم نحو المنصات العالمية في المستقبل. السردية البصرية: حين تحكي الصورة الألم والكرامة في الأعوام الأخيرة، أصبحت القضية الإيزيدية موضوعًا لعدد من الأفلام الوثائقية التي ركزت على الأبعاد الإنسانية للناجين والناجيات، متجاوزة الصور النمطية. من أبرز هذه الأعمال فيلم On Her Shoulders، الذي يتناول قصة نادية مراد، إحدى الناجيات من العنف الجنسي، والحائزة على جائزة نوبل للسلام. الفيلم لا يعرض فقط مأساة شخصية بل يرصد تحول الضحية الى صوت عالمي يدافع عن العدالة والكرامة الانسانية. حين يتحدث الإيزيدي عن نفسه لم تعد الرواية عن الايزيديين تكتب من الخارج فقط اليوم يشارك ابناء هذا المجتمع في كتابتها بلغتهم وخلفياتهم وتجربتهم الخاصه هذا التحول لا يعني نهاية التحديات لكنه يمثل بداية حقيقية تأخرت كثيرا لكي يستمر هذا التقدم هناك حاجة الى دعم مؤسسي ومساحات اعلامية حرة وبرامج تدريب مستمرة تعزز من حضور داخل غرف الاخبار لا في تقاريرها فقط.

><