خيري ابراهيم كورو
لم يكن تأسيس مركز لالش الثقافي والاجتماعي قبل اثنين وثلاثين عاماً من قبل نخبة مثقفة ومخلصة مجرد مبادرة ثقافية ، بل كان استجابة لنداء التاريخ، وصدى عميقا لحاجة الايزيديين إلى مؤسسة تلم شتات ذاكرتهم الدينية والثقافية. ففي زمن كان الارث الديني والثقافي الايزيدي مهدد بالضياع والاندثار، ظهر مركز لالش لينقذ ما يمكن انقاذه.
وهنا لا ننسى الدور الكبير للأحزاب الكوردية في دعم هذه المبادرة الجريئة وعلى راسها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، التي آمنت بأن للايزيديين الحق في أن تكون لهم مؤسسة تعبر عنهم، تحفظ تراثهم، وتؤسس لجيل جديد واع بهويته. الدعم السياسي لم يكن مجرد غطاء إداري، بل كان التزاما أخلاقيا وتاريخيا، ترجم إلى دعم مالي، لوجستي، ومعنوي، ما أتاح لهذا المركز أن ينهض بمسؤولياته الكبيرة.
أحد أهم الأدوار التي نهض بها مركز لالش – والذي يستحق به مكانة مميزة في ذاكرة الإيزيديين – هو دوره الاستثنائي في جمع وتدوين النصوص الدينية المقدسة، من أقوال وأدعية وأناشيد تنقل شفاهيا منذ قرون من خلال مجلة “لالش” وجريدة “صوت لالش” ومنشورات اخرى من كتب ومجلات، التي مثلت واجهة للتعبير عن الشأن الايزيدي، بل وأصبحت سجلاً ثقافيا يوثق تطور المجتمع الايزيدي وقضاياه.
خلال ال 32 عاما الفائتة كانت هناك الالاف من الأنشطة، من مؤتمرات وندوات وملتقيات ومهرجانات وانشطة اخرى كثير متنوعة، أُقيمت تحت سقف لالش أو بالتعاون معه. لم يكن ذلك مجرد جهد إعلامي أو ثقافي، بل كان مشروعا حضاريا لإعادة الاعتبار إلى شعب وديانة عريقة ظلمت كثيرا.
ونحن نستذكر اليوم الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس هذا الصرح، لا بد أن نشيد بالدورة الحالية، التي قدمت نموذجا استثنائيا في التنظيم والفعالية والانفتاح. كل ذلك بدعم مباشر من حكومة إقليم كردستان، وعلى وجه الخصوص من رئيس الوزراء مسرور بارزاني.
وندرج هنا ابرز ما قدمه وقام به المركز خلال الاعوام المنصرمة ومازال مستمرا في عطائه وخدماته وهي كالاتي:
1- اعداد منهاج الايزيدياتي لكافة المراحل الدراسية من الاول الابتدائي وحتى السادس الاعدادي وادراجها ضمن المنهاج الدراسي في اقليم كوردستان وفي كافة المناطق التي يتواجد فيها الايزيديون. ولا ننسى هنا الدور الكبير الذي قام به المرحوم بير خدر سليمان في انجاز هذا العمل.
2- جمع النصوص الدينية الايزيدية المقدسة والتراث الادبي الايزيدي وطبعها ونشرها على اوسع نطاق من خلال مجلة لالش الفصلية وجريدة دنكى لالش وعشرات المجلات والكتب الاخرى.
3- فتح فروع ومكاتب للمركز في كافة مناطق الايزيدية وحتى في المهجر لتكون مراكز يجتمع فية المثقفون والمهتمون بالايزيدياتي ويقيموا فيها النشاطات والفعاليات المختلفة لدعم وتوعية بني جلدتهم خاصة على المستوى الديني والثقافي.
4- الجهد الكبير الذي بذلة اعضاء ومؤيدي المركز في في استقبال اهلهم النازحين اثناء (فرمان) جينوسايد الايزيديين في شنكال في 3\8\2014 وبتوجية خاص ومباشر ومتابعة مستمرة من رئيس المركز انذاك المرحوم السيد الشيخ شامو شيخو.
5- تشكيل لجان مختصة لتوثيق جرائم داعش صوت وصورة وكتابة وتزويد المنظمات والجهات ذات العلاقة بالتعريف والاعتراف بجينوسايد الايزيدية بها لغرض دعم هذه القضية المصيرية بالنسبة للايزيديين.
6- مساعدة الناجيات والناجين الايزيديين من قبضة اراهبي داعش وحسب الامكانيات المتاحة والعمل والتعاون مع كل الجهات والمنظمات ذات العلاقة في هذا الشان. وحاليا يقوم المركز بصرف منحة شهرية للناجيات والناجين، وهي منحة رئيس الوزراء مسرور البارزاني.
7- العمل الجبار الذي قام به المركز في نقل الالاف من الطلبة الايزيديين من شنكال ونقلهم الى معاهد وجامعات الاقليم خلال السنوات التي لم يستطع طلبة شنكال مواصلة دراستهم في مدينة الموصل والمدن العراقية الاخرى بسبب التهديدات الارهابية وفترة احتلال داعش لمدينة الموصل.
8- دعم المؤسسات الدينية الايزيدية وبالتعاون مع حكومة الاقليم، وتخصيص رواتب لاغلب رجال الدين في معظم مناطق الايزيدية في العراق واقليم كوردستان. (حاليا يقوم بهذا العمل دائرة شؤون الايزيديين)
9- دعم العديد من المنظمات والجهات ذات العلاقة بالايزيدياتي والايزيدين في اقليم كوردستان والعراق وحتى خارج العراق وحسب الامكانات المتاحة.
10- فتح مئات الدورات الثقافية والاديبة والعلمية كل عام مثل ( كمبيوتر- اللغة الانكليزية- الخياطة- الرسم- الاعمال اليدوية – دروس التقوية…..الخ) في كافة مناطق الايزيدية من خلال فروع ومكاتب المركز.
11- اعداد مئات المحاضرات والملتقيات الدينية والثقافية كل العام وفي كافة فروع ومكاتب لالش وفي جميع مناطق الايزيدية.
12- متابعة كافة التطورات والاحداث الاقليمية والمحلية خاصة التي تخص الايزيدياتي والايزيديين من خلال قناة سما وشبكة لالش الاعلامية لاطلاع الايزيديين عليها.
14- المتابعة المتواصلة في صيانة قاعات المناسبات المنتشرة في كافة مناطق الايزيدية وتاثيثها وتوسيعها بشكل مستمر لتتلائم مع متتطلبات الحياة التي تتطور وتتغير بشكل مستمر.
15- دعم الطلبة خاصة من ذوى الدخل المحدود في جامعات ومعاهد الاقليم وحسب الامكانيات المتاحة.
16- المشاركة الفعالة في جميع المناسبات الدينية الايزيدية واقامة الفعاليات والنشاطات المختلفة على سبيل المثال لا الحصر دعم العوائل المتعففة وذوي الدخل المحدود خلال هذه المناسبات.
17- مساعدة الكتاب والباحثين الايزيديين من خلال طبع كتبهم على نفقة المركز.
18- المشاركة الفعالة في معظم الفعاليات والاحداث السياسية على مستوى الاقليم ودعم الايزيديين المشاركين فيها كالانتخابات مثلا.
19- المشاركة الفعالة في اغلب الفعاليات والنشاطات الادبية والثقافية والفنية على مستوى الاقليم.
وهناك الكثير الكثير من الخدمات والانجازات والنشاطات والفعاليات الاخرى التي قدمها ويقدمها المركز بشكل مستمر والتي لا يسعنا ذكرها كلها هنا في هذا المقال. وسيبقى المركز وكما عهدناه مستمرا في عطائه في خدمة الايزيدياتي والايزيديين بجهود كل الخيرين والمخلصين.
وفي الختام نرفع أكف الوفاء للمخلصين من مؤسسي مركز لالش، ولجميع من سار على دربهم، أولئك الذين بذلوا الجهد والفكر في خدمة الديانة الايزيدية، فكانوا شموعا تحترق لتنير الدرب للأجيال قادمة. تحية حب ووفاء للأحياء منهم الذين ما زالوا يواصلون العطاء، وللراحلين الذين أدوا الأمانة ومضوا، تاركين بصماتهم في ذاكرة شعب،. لهم الخلود في الوجدان، والدعاء الطيب في كل وقت ومكان.