ونحن نستذكر بكل فخر واعتزاز الذكرى 32 لتٲسيس مركز لالش الثقافي والإجتماعي رأيت انه من الضروري أن نسلط الضوء على بعض الجوانب التي سبقت تاسيس هذا الصرح والبُنية التي أصبحت عليها مؤسسة كبيرة.
بدايات تأسيس المركز والغاية منه كان نتيجة الظلم والقهر والتهميش المتعمد الذي اصاب الكورد الايزيديين اثناء البدء بالتعريب القسري لقُراهم ومناطقهم وتهجيرهم عنوة وما سبقه من تكليف كُتاب ومؤرخين مأجورين بتزييف الحقائق حولهم ومن ثم تسجيلهم عرباً في السجلات الرسمية للدولة العراقية بقرارات صارمة صادرة من محكمة مجلس قيادة الثورة البعثية في الدولة، بل وما سبقه أيضاً من المقولة التي كان يرددها اجدادنا دوماً نحن بقايا 72 حملة ابادة اوكما تسمى بالكوردية (فرمانات) وللأسف اصبح 74 حملة نتيجة الجرائم التي ارتكبها اذناب البعث والقاعدة وداعش بحقنا نحن الكور الايزيديين.
كل ما مر وما مضى جعلت مجموعة من النُخب (افتخر إنني كنت ولازلت منهم) اتخذت على عاتقها مواجهة الظلم والطغيان والجور ورفض هذه السياسات التي مورست فإختاروا النضال سواء كان بالقلم والعلم والكتابات والمقالات او اللجوء إلى النضال المسلح للوقوف بوجه النظام البعثي المقيت.
نعم فمركز لالش الثقافي والاجتماعي لم يتم تاسيسه من فراغ او من خلال صدفة عابرة بل كانت ثمرة نضال مجموعة طالما فضلوا السجن بل والاعدام والتعذيب والحرمان والعوز والجوع مقابل القبول والاعتراف بقوانين البعث من ظلم وجور وطمس للهوية الايزيدية الكوردية الاصيلة ، ومنذ بدايات التعريب في الستينات والسبعينات من القرن المنصرم ونحن هنا لن نذكر اسماء الشخصيات فهم معروفون وزملاء اعزاء وبكل الاحوال يجب تخصيص بحث خاص عنهم، فمنهم من رحل خالداً مناضلاً ومنهم من لازال حاضراً مكافحاً مستمراً في النضال.
لذا أخترنا نحن الأكثرية منهم انذاك اللحاق بصفوف الثورة التحررية للٲحزاب الكوردستانية بقيادة المناضل البارزاني الخالد مع يقين تام ان حقوقنا ستكون مُصانة في ظل عدالته المتوارثة من الاجداد.
ولكي لا نطيل في سرد الوقائع المتلاحقة فكان ثمرة النضال المستمر الانتفاضة المباركة في اذار عام 1991 وما تلاه من انتصارات وانجازات كان تأسيس المركز الثقافي والاجتماعي أحداها بدعم مباشر من قيادة الجبهة الكوردستانية انذاك، نعم وبعد اجتماعات مستفيضة ولقاءات عديدة تبلورت الافكار وتم الاتفاق على رسم تخطيط وبرنامج ثابت متين لينظم عمل المركز وفق مصلحة الديانة الايزيدية وتحت مسمى (لالش) المقدس الذي يعني الخميرة المقدسة المعبد الوحيد الرئيسي للكورد للايزيديين في كوردستان والعراق والعالم.
التسمية اخترناه انذاك بالاجماع والتوافق كونه يمثل رمز صمودنا وسر وجودنا، وتحت شعار (مركز لالش نبع ورافد نقي اصيل يصب في نهر الثقافة الكوردية) فالشعار الذي اخترناه انذاك ايضاً تم اختياره ليكون تعبيراً عن رفضنا سياسات التعريب وليكون تاكيداً على اننا نمثل الديانة الكوردية الاصيلة التي كان يعتنقها معظم الكورد قبل الغزوات والفتوحات العربية وقدومهم للمنطقة.
فالانجاز الكبير الذي نفتخر به دوماً هو ان مركز لالش كان سبباً في الاعتراف بتثبيت مادة تربية وتعليم مادة الايزدياتي لاول مرة في مؤسسات الدولة في الإقليم اولاً ، وبعدها في العراق ثانياً اجمع ، بعد التحرير برعاية ومباركة من قيادة الاقليم وشخص الزعيم الكوردي الرئيس مسعود بارزاني مباشرة.
فالانجازات انذاك كانت كثيرة لكن بقيت التحديات صعبة بسبب ان مناطقنا كانت اكثرها لاتزال بيد نظام البعث الصدامي لذا فكان علينا العمل سراً مع اهلنا في تلك المناطق إلى فترة سقوط الطاغية والبعث للأبد فكان الانجاز الأكبر هو ان امتد مركز لالش بأغصانه إلى معظم مناطق الايزيديين وأصبحت مؤسسة كبيرة لها مهمة صعبة وعظيمة في مواجهة ازالة أثار التعريب ثقافياً وفكرياً وسياسياً حيث ان المهمة يجب ان تستمر لأن التحديات لازالت موجودة وما لحق بنا من ضرر وتشويه طيلة قرون عديدة لا يمكن اصلاحها بعدة سنوات.
فهنيئاً لنا جميعاً ذكرى تأسيسه ، مبارك لكل الاصدقاء من الكُتاب والباحثين والشخصيات السياسية والإجتماعية ممن كانوا ولازالوا سنداً للمركز.. مبارك لكل الايزيديين وكل باحث عن الحقيقة كما هي دون تزييف للحقائق.. نهنئ الاخوة العاملين في المركز ونقول لهم تمنياتنا لكم بالموفقية والنجاح في إكمال المسيرة نحو الاهداف المنشودة.
واختم الموضوع هنا بتوصية إلى الجيل الحالي والاجيال اللاحقة بأن يحافظوا على انجازات هذا الصرح العظيم الذي تأسسس بجهود ونضال استمر لعقود بل ولقرون عديدة ، هنا اقصد جهود القوالين ورجال الدين الذين نقلوا لنا ادبنا ونصوصنا الدينية المقدسة في صدورهم.. فعليكم الوفاء تجاه الواجب الملقاة على عاتقكم بإستمرارية مهام المركز نحو تحقيق الأهداف المرجوة وهي بكل الاحوال ومنذ تأسيسها قائمة بمباركة من مجلسنا الروحاني وبدعم لا محدود من قيادة الاقليم مشكورة.
* شيخ زيدو باعدري
احد مؤسسي مركز لالش الثقافي والاجتماعي
